ملازم أول/صهيب عزالدين يكتب … إستسلام المليشيا المتمردة .. نراه قريبا

عندما يأتي الحديث عن إمكانية إستسلام المليشيا المتمردة تستدعي ذاكرة البعض الصورة المجسدة في ذاكرة أغلب الناس عن الإستسلام فيتخيل بعضهم منسوبي المليشيا ملوحين بالرايات البيضاء من داخل شبابيك العمارات ( المشفشفة) في شوارع العاصمة الخرطوم كما خلدت الدراما والسينما الأجنبية مفهوم الإستسلام عند الكثير من الناس في حين أن مظاهر إستسلام المليشيا تأخذ الآن أشكالاً أخرى لكنها ظاهرة لكل ذو بصيرة .

المليشيا تستسلم كل يوم والأسباب كثيرة والدلائل أكثر نستدعي بعضها لتبصير القارئ ولوضع المليشيا في حجمها الحقيقي.
بداية غياب الهدف فالمتتبع لتطور الأحداث وتسلسلها يلاحظ إضمحلال طموح المليشيا من رغبتها في حكم البلاد كاملة والسيطرة عليها دون قتال ثم تدنى ذلك لمحاولتها إزاحة الجيش من المشهد بالقوة المسلحة لأنه الجسم الوحيد الذي يمثل حجر عثرة لها في طريق سيطرتها على الدولة وإعلان مملكة عربان الشتات ثم تدنى لأبعد من ذلك حين بدأت تتمنى الرجوع لوضعها الأول قبل الحرب خصوصاً وأنها فقدت إمبراطورية إقتصادية كبرى يمسك منسوبي أسرة الهالك قائد المليشيا بأذرعها وهم المتحكمين في جميع شئونها فقيام الحرب أضر بمصالحهم هذه فأنا على ثقة إذا عادت بنا الأيام للوراء فلن تختار قيادة المليشيا الحرب ولآثرت السلام حفاظاً على كسبها وما وصلت إليه في بضع سنين ولكنها ( الشلاقة الكتلت سيدها ).

أيضاً ليس هناك ما يدعو المليشيا للإستمرار في الحرب فهي في قمة تماسكها وبعتادها الأول لم تحقق ما تصبو إليه فكيف يتحقق لها ذلك بعد أن تكسرت قوتها الأولى وتم تحييد عدد كبير من قادتها أيضاً صعوبة الإمداد خصوصاً أنها لم تتعود على مثل هذه الظروف فقد كانت المليشيا قبل تمردها إبنة الدولة المدللة يأتيها رزقها رغداً فكفرت بأنعم ربها فأذاقها الله لباس الجوع والخوف، سابقاً كانت المعدات والمركبات وكل ما تحتاجه يستورد لها عبر القنوات الرسمية والآن تبدل الحال فدخول شحنة واحدة يحتاج إلى الكثير من الترتيب والتحضير والحرص فتستخدم التمويه والتسلل ليلاً والمجازفة مع رصد وتعقب سلاح الجو وضرباته للوصول بالدعم والإمداد من مناطق وصوله وحتى دخوله لمخازن المليشيا بمسارح القتال فمثل تلك الظروف تعوق تقدم المليشيا وتحقيقها لنتائج إيجابية عملياتياً على الأرض عكس الجيش والذي قاتل في حروبه سابقاً جائعاً وحافياً في ظروف حالكة لا يجد فيها الجندي السوداني ما ينتعله وأثناء حصار إقتصادي قاس كان مضروباً على البلاد لم تسلم منه المؤسسة العسكرية فلم يضعف الجيش السوداني ولم ينل منه .

أيضاً اعتماد المليشيا على إستنفار القبائل الموالية لها والاستعانة بمرتزقة أجانب هم العمود الفقري لتلك القوات كان سبباً في ضعف أدائها فتلك القوات تبرع في الهجوم في حالة وجود الدافع ( الغنائم بعد استباحة أي منطقة بها تواجد للمدنيين ) خلاف ذلك فصمودها منعدم وصبرها قليل وأدائها ضعيف جداً لطبيعة طرق قتالها وتكتيكها فمن الصعب أن تتمسك بمعسكر أو موقع دفاعي وظهر ذلك جلياً في العمليات الجارية بمنطقة أمدرمان والتقدم الملحوظ لقوات الجيش السوداني بها .

يجب أن تستسلم المليشيا لأنها لن تحقق نصراً أو تقدماً خلاف ما حققته في قتالها طيلة الفترة الماضية وقد بدأت تفقده تدريجياً فهي تحشد في المرتزقة بالآلاف وتزج بهم في محرقة الخرطوم ونيران الجيش السوداني تلتهمهم وتقول هل من مزيد وفي الفترة الأخيرة ظهرت الكثير من الإحصائيات الواردة من دول مجاورة بها أعداد كبيرة من قتلى تلك الدول في حرب السودان أضف لذلك أن المليشيا تقوم بإبادة القبائل الموالية لها من داخل السودان فليتهم يعلمون أن كل ذلك لن يفضي لنتيجة ولن تحكم هذه الشرذمة بلد ممتد ومتنوع مثل السودان فيجب على الإدارات الأهلية أن تحزم أمرها وتضطلع بدورها في التوعية وحفظ دماء أبنائها وعدم الدفع بهم في مجازفة متهورة مثل هذه فالجيش السوداني لم ولن ينكسر لهذه المليشيا وإن طال السجال .

عطفاً على ما ذكر أعلاه فإستسلام المليشيا يظهر في أشكال وقرائن عدة منها ضعف الأداء وإنعدام الثبات ومغادرة بعض منسوبيها لأرض المعركة جماعات وأفراد بالإضافة لضعف وتناقص الخطاب والمادة الإعلامية بالميديا والوسائط والتي تصور المليشيا بمظهر المنتصر والمسيطر ودلائل كثيرة وعدة .

أخيراً هذه الحرب حرب النفس الطويل والقوات المسلحة السودانية لها باع طويل وتجارب كثيرة في مثل تلك الحروب وكما قيل ( كما أختارت المليشيا ضرب الطلقة الأولى في هذه الحرب فالقوات المسلحة من سيختار متى ستكون الطلقة الأخيرة)

#كسرة

الحمار أدناه يشابه المليشيا في عدم مقدرتها على الإختيار بين الإستسلام أو الإستمرار في حربها القذرة وفي الحالتين النتيجة زوالها للأبد .

تفلسف حمار بوريدان فمات جوعا

“بوريدان” هو فيلسوف فرنسي عاش في القرن الرابع عشر وحمار بوريدان هو مصطلح فلسفي أو مفارقة تشير إلى موقف إفتراضي حيث يتم وضع حمار جائع وعطشان في منتصف الطريق بالضبط بين كومة من القش وسطل من الماء وبما أن جوعه مساوٍ لعطشه يبقى الحمار متردداً بين الأكل والشرب لا يستطيع إختيار أي منهما وتفضيله على حساب الآخر والنتيجة أن حمار بوريدان سوف يموت لأن دوافعه متساوية والإختيارات أمامه متشابهة ولن يستطيع إتخاذ أي قرار عقلاني للإختيار بين القش والماء .

#كسرة ثانية

نبارك لقواتنا المسلحة تقدمها في عمق ولاية الجزيرة ونحسبه موفقاً رغم أن الآلة الإعلامية المغذية بدراهم بن زايد أرادت أن تفسد على الشعب السوداني فرحته ببداية هذا الطوفان العظيم لكن ثقتنا في قواتنا المسلحة لا تحدها حدود ولا تبدلها ترهاتم الباطلة فالنصر لنا ومعنا وحليفنا.

رحم الله الشهداء.. شفى الجرحى.. رد المفقودين

العزة والرفعة والمنعة لقواتنا المسلحة الباسلة

صحيفة القوات المسلحة.. خصوصية الإسم شمولية القيم

Exit mobile version