نايلة علي تكتب ….. الجيش مدرسة الإنضباط

مع تطاول أمد الحرب ، ودخولها العام الثاني ، بدأ الممل يتسلل إلى قلوب المشفقين والمحبيين والداعمين للجيش السوداني، خوفاً من تكرار السيناريو الليبي ومحاولات التدخل الدولي في الشأن السوداني ، مقرونا بالسعي الدؤوب الذي تنشط فيه مايسمى بالجبهة المدنية ، أو فتات الحرية والتغيير للعودة مرة أخرى لحكم البلاد ، فوق جناح المجتمع الدولي.

عملياً السيناريو الليبي لايمكن تطبيقه في السودان ، وذلك لقوة تماسك الجيش السوداني ، ومساحات المناورة عند قياداته ، التي أحسنت التحرك في مسارين ، جمعا مابين التكتيك العسكري وهامش الدبلوماسية السياسية ، أضف إلى ذلك ضعف التجربة عند السياسي المدني السوداني ، وإنشغاله بتصفية حساباته مع خصومه السياسين ، هذه الوضعية جعلت المؤسسة العسكرية السودانية ، ومنذ استقلال السودان تتفوق على الجناح المدني في إدارة دفة البلاد ، وكيفية التعامل مع الخارج.

أما عن الإسلوب والتخطيط الذي انتهجته المليشيا في ميدان الحرب ، بمباركة شركائها السياسين ممثلي حكومة حمدوك السابقة ، أملاً في العودة إلى الحكم على ظهر دبابة الدعم السريع ، اوعبر التدخل الدولي ، هذا التخطيط هو أول عامل أدى للتعقيدات في ميدان المعركة ، حيث أن المليشيا لجأت إلى منازل المواطنيين ، وعمدت إلى تهجيرهم القسري ، وإحتلال المؤسسات الخدمية والعلاجية ،هذا الأسلوب يتطلب منهجية خاصة ، من الجيش لجر الكتلة البشرية المتمردة خارج الأعيان المدنية ، ثم التعامل معها وفق قواعد الإشتباك ، التي لا تُعرِض المواطن ولا دوره للخسارة والفقد.

نجح الجيش في تفتيت الكتلة الصلبة ،التي راهنت عليها المليشيا للوصول إلى الحكم ، في الساعات الأولى لتمردها ، كما نجح الجيش في القضاء القوة البشرية المتمرسة ، على القتال ، والتي تلقت جرعات عالية من التدريب لهذا الغرض.

تحولات كبرى في استراتيجية الجيش ، من الدفاع إلى الهجوم ، برزت في الفترة الأخيرة ، وهي مؤشر واضح على أن الجيش أعد العدة لمرحلة قادمة ، تختلف تمام الإختلاف عن سابقتها ، مما حدا بخصمه وداعميه أن يتحسسوا رؤسهم ، للبحث عن مخرج سياسي ، يحفظ للمليشا ماء الوجه ، وما وفد الحواضن القبلية الذي حطت طائرته ببورسودان ، واتصال بلينكن بالبرهان ، ودعوته للعودة إلى منبر جدة ، إلا وجه من أوجه محاولة إنقاذ مشروع تفتيت السودان ، الذي أُستُخدِمت فيه المليشيا كرافعة للتنفيذ.

كنت أتحدث لأحد ضباط الجيش ، واحمل بين يدي تساؤلات الشارع وقلقه ، فأجابني أن الجيش مدرسة في الانضباط، لايمكن أن يُطبق نفس أسلوب المليشيات ، ولو أراد لفعلها ، ودك البيوت والمؤسسات (واستلم نضيف) وأستدرك قائلا ، الجيش لا يعمل وفق مفهوم (القُوال والفزع) نحن جيش وطني قومي ، والحرب عندنا أخلاقيات ، قبل أن تكون تعليمات.

هذا الفهم الراقي ، والرد الشافي من احد ضباط الجيش السوداني ، الذي رضع حب الجندية من أم الكلالاي الكلية الحربية السودانية ، يُجبرك على أن تقف تعظيم سلام لهذا الجيش ، وقبله لحواء السودان التي أنجبت رجالا بهذه الوطنية ، لو شققت صدورهم لوجدت مكتوب عليها اسم السودان…لنا عودة.

Exit mobile version