د.ادم جودةالله
إن الحرب التي كادت أن تكمل العام منذ أندلاعها في ابريل الماضي قد أحدثت تحولاً كبير في حياة الناس وبيئتهم ،إذ لم يعد أثرها قاصر علي الجانب المادي في الممتلكات والأرواح فحسب ، بل كان أبلغ وأوضح أثرا في الحياة الإجتماعية و علاقات مكونات المجتمع فهنالك كثير من المعتقدات والمسلمات التي كنا نعتبرها من ثوابت الماضي وملامحه، لم تعد كذلك و يصعب إصطحابها ونحن إذ نتحدث عن الوطن والإنتماء وتطلعاته وإمكاناته، إذ حدثت كثير من المتغيرات والأحداث، جعلتها لا تعبر عن واقعنا اليوم وترسم وتبين بصدق على ما نحن عليه من حال، كل ذلك يحتاج فيما بعد لدراسة ومراجعة تصحح وترتب الأوضاع على النحو الذي يخلق التماسك والأسقرار . فالحرب أثرت في المبادئ والأخلاق التي صابها ما صابها من الانحطاط والتردي وتمزق نسيج الوحدة والترابط ووهن أمرنا فلم نعد نحن…وهذا ما أرادوه
يقيننا أن الحرب الحقيقية لم تبدأ بعد كما أراد لها الرعاع فواجب عليناه الانتباه والحزر فهي حرب إجتماعية تستهدف تاريخ وأخلاق ومبادئ هذه الأمة تسعى لتدمير مقدرها وتمزيق روابطها، وإضعاف أسباب الوحدة والتسامح والتمازج الذي أوجدنا لنا هذا السودان، بسماته ومقوماته التي أكسبته أهميته، وجعلته محط أطماع المعتدي وغاية أحلامه التي سوف لن ينلها بحول الله، وبصدق وقوة وعزيمة هذا الشعب الأبي الصابر على مكر الأعداء وحقد العملاء…..
عشنا فيما سلف وسبق من تاريخ هذا البلد أصحاب ريادة وقيادة، بشغل حيز عجز غيرنا عن ضعف من أن يقتربوا أو يدنوا من مواطن نحن كنا روادها و أصحاب القرار فيها، ولم يكن حينها من معقبٍ يجرؤ على مخالفة ما تم رسمه وحددنا معالمه، فكان لنا الصدر في العالمين ولا فخر ، حضوراً في كلٍ وبصمات شاهدة تحكي تاريخ نفخر به ويعلمه غيرنا وفي غير منه ولا كبر فقط وددنا أن نذكر غيرنا وأنفسنا بمجد هذه الأمةوعطائها الذي أريدله أن يقبر بأيدي (الهوانات) من بنيه…………….
و بإعتراف حافظي الجميل بأنه كان لنا دور واضح ومؤثر ومساهم في غير غياب عن كل الأحداث المصيرية التي شكلت مصير كثير من دول المنطقة ومحيطها وبقوة وصلابة مستمدة من قوة إيمان إنسان هذا الوطن الذي لم يألو جهدا في العمل، أستطاع بما بذل من غالي أن يحقق و يحجز للبلد مكانتها التي لا يغفل عنها أحد ولم تخطئها العين………….
الحاقدون أخسأهم الله أرادوا أن لايكون لنا مع الأولين وصلاً الذين خبروا الحياة وعرفوا مدخلها وحواكمها التي طوعها لخير البلاد، وصنعوا لنا مجداً فيه عز وكرامة إرتبط ذلك مع إسم السودان، وبعلو كعب وهمة على الذين يتطاولون اليوم بصفاقة أنستهم سوالف أيدينا و أفضالنا التي طوقت أعناقهم وجعلت في غفلة من أقزام القوم يتعالون تطاولاً من علي مستنقعات آسنة على هامات الرجال وكبرياء أمة عبثاً يرومون بلوغ الشواهق……
لا أحتاج من يشرح لنا الذي يجري، الكل يعلم بأننا قد تكالبت عليناجموع الرجرجة تكالب الأكلة على قصعتها وحسداًمن عند أنفسهم سعوا لإضعافنامن أن نكن خيرخلف لسلف أعطى وصنع مجداً، ضعنا يوم ضعف وخمدحب الوطن في القلوب وخيبة جعلت البعض يتسول في موائد الأخرين عارضاً ومعرضاً تاريخ وإيباء هذه الأمة في سوق العمالة والإرتزاق لمن يدفع في ذل و هوان دونما وازع ولاضمير يدغدغهم الأمل الواهي بأنهم دعاة التغيير والأمل الكبير الذي يحلم بميلاده الجميع …………..
علينا أن لانتحسر ونلقي باللوم على الآخرين ونسوق المبررات، الواجب أن لانتقاعس عن القيام بالدور المطلوب بمسؤلية تحفظ جهود من بذل النفس والنفيس في سبيل أن تكون لهذه الأمة مكانتها وللوطن كينونته المعتبرة،بجهد خُلْص يعافون عيشة الذل، وبعفة وعزة و يتطلعون لواقع أفضل…….
لم نعد نؤمن بالأحزاب التي عجزت أن تقدم فيما أتيح لها من فرص تجربة تعود نفعاً لهذا الشعب الصابر الذي أعيته تجاربها التي أدمنت الفشل، واليوم أخذت تعمل جادة في محاولات لعرض نفسها كمنقذ للبلاد بلاخجل، كما لانثق في أولئك الجواله متسولي السفارات وعملاء المخابرات الذين يحاولون فرض نفسهم باستعطاف وكسب ود الشارع بتبني شعارات جوفاء ظلوا ينعقون بها لاتعبر عن تطلعات واحلام هذه الأمة (الصابرة) و التي كشفت زيف إدعائهم وخبث رأيهم وقلة خبرتهم، حيث إنفضح أمرهم يوم أن تولوا الحكم فعُلِم خبرهم ومخبرهم الذي عجزوا فيه أن يقدموا رؤية تؤسس لحكم راشد وذلك بشهادة كبيرهم الملهم………..
عليه نحتاج ثورة تتجاوز وتهدم هذه الأصنام، ولاتهتم بالجوانب السياسية فحسب بل تعمل علي صناعة وصياغة إنسان هذا البلد الذي نابه الإحباط أرادوه غير فاعل مسلوب الإرادة حيث اصبح بلاهوية وغيرة علي التراب ولم تعد لديه حمية تحسسه بالانتماء المفقود، نطمح في ثورة تعمل علي جمع حطام التجارب السياسية الفاشلة ثم تجعلها ركاماً ثم تقذف بها في غير رجعة في جُب النسيان، ونستعيذ بالله من الشيطان الرجيم……………………
(اللهم أجرنا في مصيبتنا وأخلف علينا خيرمنها)