• إذا أردت دليلاً دامغاً أن الحرب التي أشعلتها مليشيات التمرد السريع ليست حربها بالأصالة وإنما وكالةً عن دول ومنظمات دولية خططت منذ زمنٍ طويل لتدمير الدولة والذاكرة السودانية ، إن أردت دليلاً علي هذا القول فماعليك إلا التوقف عند ثلاث محطات ومؤسسات لتعرف وتلمس أبعاد المخطط بياناً بالعمل ..
- المحطة الأولي .. التعليم العالي حيث قامت مليشيا التمرد بتدمير أكثر من مائة جامعة ومؤسسة تعليمية خاصة تدميراً كاملاً تم فيها التركيز علي المكتبات ، مراكز البحوث والبنية التحتية لهذه الجامعات .. ودونك مكتبة مثل مكتبة جامعة الخرطوم والتي دخلت تاريخ المكتبات العريقة في العالم .. تم تدميرها بالكامل ..ومكتبة مثل مكتبة الجامعة الأهلية والتي ذرف مدير الجامعة الدموع علي الهواء مباشرة عبر قناة العربية وهو ينقل الخبر الحزين لطلابه ومن يعرفون القيمة العلمية والفنية لمكتبة الجامعة الأهلية .. طريقة تدمير مؤسسات التعليم العالي بالسودان تؤكد أن الأيدي التي تقف خلف مليشيات التمرد لديها أجندة وأطماع واضحة تجاوزت الانقلاب العسكري صبيحة 15أبريل والذي فشل منذ ساعاته ال5 الأولي لينتقل صاحب ( الماستر بلان) إلي مربع هدفه الأساسي !!
- المحطة الثانية مركز الملاحة الجوية بالسودان وهو من أحدث وأهم مراكز الملاحة الجوية في أفريقيا والعالم العربي وظل يقدم خدمات الملاحة للطيران في المجال الجوي السوداني ويدر للبلاد عائدات مالية ضخمة فضلاً عن تعزيز موقع السودان الفني عالمياً في مجال الملاحة الجوية .. عمدت مليشيات التمرد إلي تخريب وتدمير ممنهج لهذا المركز بطريقة تؤكد أيضاً أن من يقف وراء هذه الحرب يعرف تماماً مايريد ..
- المحطة الثالثة هي محطة السجل المدني السوداني .. منذ لحظات حربها الأولي سعت أيادي المؤامرة التي تقف خلف مليشيات آل دقلو إلي الإستيلاء علي السجل المدني .. ذاكرة الأمة السودانية مجتمعة .. كاد هذا التخطيط الجهنمي أن يكتمل .. لكن عناية وفضل الله ثمّ تضحيات ومواقف بطولية لثُلّة من الرجال الشجعان في الشرطة السودانية تمت استعادة السجل المدني بعملية بطولية ستبقي خالدة في ذاكرة الأمة التي خططت وتخطط دوائر عالمية لتدميرها ومسحها من الوجود ..
• يلمس أي سوداني غيور علي أمته ووطنه ويشعر بالفخر والإعتزاز لدقة الإجراءات الصارمة في كل مراحل إستخراج الجواز السوداني .. الجواز السوداني ليس مجرد ( دفتر) أنيق بحجم كفة اليد .. إنه سلسلة من حلقات توثيق حياة ومسيرة أي سوداني ..
• استشعر السودانيون عامة أهمية الجواز وقيمته الرمزية بعد الحرب .. كان الجواز قبل الحرب لايمثل للكثيرين سوي وثيقة تمنحهم كلمة السر للسفر والتجوال في أرض الله الواسعة .. قيمة ومقام الجواز السوداني بعد الحرب تضاعفت في دواخل السودانيين .. الجواز لم يعد مجرد وثيقة تأكيد علي سودانية المسافر .. الجواز صار وثيقة الهوية الوحيدة والأساسية التي تؤكد أن حامله ينتمي لوطن اسمه السودان ..
• لايمكن للسودانيين بطول الدنيا وعرضها اليوم أن يعبروا بلاد الآخرين (مع الطيور المابتعرف ليها مرسي ) إن لم يكن في أياديهم جواز سفر .. ولهذا ليس غريباً أن تبقي تلك اللحظة التي علت فيها زغاريد النساء السودانيات لحظة استلامهن لجوازاتهن وجوازات أبنائهن بعد أول تجربة لاستخراج الجواز بمدينة بورتسودان .. ليس غريباً أن تبقي تلك الحظة باقية في وجدان اللواء دينكاوي أحد أبطال ملحمة استعادة الجواز السوداني وتسهيل السودانيين الحصول عليه باعتباره هويتهم ومنزلهم ووجهتهم بعد أن فقد كثيرون منهم كل شئ ..
• لا تخلو مسيرة استعادة الجواز السوداني من هنّات وأخطاء وخطايا هنا وهناك .. لكن العبرة تبقي بالخواتيم .. أن تعيد إدارة الجوازات ترتيب أوراقها .. تعالج السلبيات وتعزز الإيجابيات ..
• لن يمر طويل وقتٍ حتي يتمكن أي مواطن سوداني من متابعة كل مراحل إستخراج جوازه حتي مرحلة الطباعة .. الطريقة التي ستقطع الطريق علي السماسرة والوسطاء الذين ظلّوا يتكسبون من معاناة المواطنين ..
• حرص السودانيين علي استخراج الجواز لايعني رغبتهم في الهجرة والسفر .. يحرص السودانيون علي استخراج الجواز لأنه الوثيقة الوحيدة التي تؤكد هويتهم التي كادت أن تضيع في وجه عاصفة الحرب والخراب الذي تقوم به مليشيات التمرد نيابة عن أسيادها الظاهرين منهم والواقفين خلف حائط المؤامرة علي بلادنا !!