اعمدة الرأي

يوسف عبدالمنان يكتب … هل يقود اتفاق جوبا الإنساني لتسوية مع الحلو؟؟

فاجأ الجنرالين شمس الدين كباشي وعبدالعزيز آدم الحلو الساحة السياسية باتفاق على تمرير الإغاثة إلى مناطق سيطرة كلاهما دون معوقات وتفاهما حول القضايا السياسية المفضية إلى تسوية تلوح في الأفق بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال برئاسة عبدالعزيز الحلو
وخلال زيارة لم يعرها كثير من المراقبين والإعلاميين التفاته ظنا بأنها زيارة علاقات عامة يظهر فيها الطرفين مبتسمين أمام كاميرات الأعمال وتحت السواهي دواهي كما يقولون
ووصل الفريق شمس الدين كباشي أمس إلى جوبا التي استقبلته بحفاوة وظهر فجأة الفريق توت قلواك المنشطر قبله بين الخرطوم وجوبا وهو سوداني شمالي من اركويت وجنوبي من نوير واط ومولود في بانتيو وبدأت ابتسامة الفريق سلفاكير ميارديت كدليل رضا على مايحمله الرجل النحيف طوال القامة الجنرال شمس الدين وهو يخبئ وراء نظارته السوداء مالايقرا من حركة الجسد ونظرات العيون
وفجاة هندس الفريق توت قلواك لقاء شمس الدين كباشي والفريق عبدالعزيز آدم الحلو الذي افترق مع كباشي قبل عامين حينما رفض الأول أن تقدم الحكومة الانتقالية على إلغاء قوانين الشريعة الإسلامية ووضع مبادي دولة علمانية فوق الدستور وهو مابصم عليه الفريق البرهان في لقائه بالحلو في عنتبي اليوغندية وفي زيارته الأخيرة للجزيرة وهي زيارة عسكرية لها علاقة مباشرة بمسار العمليات العسكرية على الأرض تفقد الفريق شمس الدين كباشي القوات النظامية المتاهبة لدخول ودمدني في كل من الفاو والقضارف والمناقل وكوستي وتقاصرت خطاه عن مخاطبة قوات متحرك الصياد في تندلتي وهو المتحرك الذي كان مرجوا منه تحرير طريق كوستي الأبيض وإنقاذ جبال النوبة من المجاعة التي كادت أن تفتك بانسانها حيث انعدم الزره الأحمر والابيض وبلغ سعر الجوال مائة وخمسون الف جنيه بسبب الحصار الذي فرضته قوات الدعم السريع علي جبال النوبة لخنقها وتجويعها وربما قدر الفريق شمس الدين كباشي أن الطريق إلى الدلنج وكادقلي برا بات صعبا أو مستحيلا وان حلم أهل كردفان في تحرير الرهد وأم روابة والدبيبات والحمادي بات شبه مستحيلا في ظل اهتمام الحكومة بالجزيرة والخرطوم والفاشر وترك جبال النوبة لقدرها لتلقي حتفها بالجوع.
اختار شمس الدين كباشي خيار آخر بالبحث عن طريقا ومسار مختلفا لإنقاذ جبال النوبة بالاتفاق مع الحركة الشعبية على توصيل الإغاثة بالبر والجو قبل حلول الأمطار منتصف الشهر القادم وإغلاق الطرق المؤدية إلى عديد من مدن جبال النوبة
وفي العاصمة الجنوبية جوبا لم يستغرق الاتفاق وقتا طويلا وسرعان مااتفق الجنرالين على إغاثة شعب كلاهما يشعران بجوع حواء وأم مهلين وكاكا وفاطمة وكان الاتفاق السياسي دون تفاصيل معلنه على أن تجتمع وفود تمثل الحكومة والحركة الشعبية في غضون أسبوع لوضع الاتفاق التفصيلي أمام القيادة العليا في الطرفين وأمام الوسيط الجنوب سوداني
بارقة الأمل
اتفاق الطرفين على توصيل المساعدات الإنسانية يعتبر قريبا وشبيها من حيث انه يمثل مدخلا للتفاهم حول القضايا السياسية كما حدث من قبل عام ٢٠٠٣ حينما وقع اتفاق في مدينة بيرغن السويسرية بين حكومة السودان والحركة الشعبية بقيادة جون قرنق دمبيور حول مسارات الإغاثة بجبال النوبة ووقف إطلاق النار وكانت ثمرة ذلك الاتفاق أن فتحت جبال النوبة أمام مواطنيها والتئمت شمل الأسر واتخدته دول الترويكا مختبرا لاتفاق أشمل للسودان وكان عبدالعزيز الحلو ودانيال كودي ود أحمد عبدالرحمن سعيد يمثلون الحركة الشعبية بينما مثل حكومة السودان السفير مطرف صديق النميري وأحمد محمد هارون ومحمد مركزو كوكو وابن عمر صابون واغري نجاح الاتفاق الشركاء والوسطاء خاصة الولايات المتحدة والنرويج في المضي قدما نحو توقيع اتفاق السلام الشامل؛؛
فهل يفتح اتفاق شمس الدين كباشي والحلو الطريق لتسوية لقضية جبال النوبة التي تأتي في ظروف بالغة الدقة جعلت من الحكومة الولاية تحكم رقعة جغرافية تقل عن الخمسين كيلو مترا مربعا وتتقاصر همتها عن الوصول إلى تلودي والليري والحكومة الاتحادية تشغلها هموم أخرى عن صداع جبال النوبة ولم ترغب حتى في زيارة المناطق الآمنة في كالوقي وتلودي وابوجبيهة ورشاد وهي مناطق لم يدخلها الدعم السريع ولايزال اعزة أهلها اعزة وبالتالي لاتستطيع الحكومة الاتحادية وضع عراقل أمام الاتفاق المنتظر الوصول إليه وفي السابق كانت المؤسسة العسكرية كثيرا ماتضع فيتو على القرار السياسي وتعرقل وقت شاءت جهود التسوية ووجود كباشي الرجل الثاني في الجيش على رأس فريق التفاوض يجعل إمكانية الالتفاف حول الاتفاق غير ممكنا مما حاولت جهات عرقلة الاتفاق لأن في استدامة الأزمة بجبال النوبة مصالحا لآخرين
ولكن السؤال هل يمكن إنفاذ اتفاق تمرير الإغاثة من غير فك الحصار عن الدلنج وكادقلي بالتي هي أحسن أو بالتي هي أخشن؟؟ بالطبع الإجابة بالنفي لأن قوات الجنجويد تنتشر من سوق ليبيا غرب ام درمان وحتى مدينة بارا على طول طريق الإنقاذ الغربي ومن ودعشانا بطريق كوستي الأبيض حتى الدلنج وتضع مطار الأبيض في مرمى نيرانها وهو المطار الوحيد المؤهل لهبوط طائرات ذات حمولة كبيرة ومطار كادقلي يمكن استغلاله لكن تكلفت تشغيله عالية جدا ويعتبر الجوع ممتدا من الحمادي وحتى بحيرة الأبيض والجنجويد يسيطرون على طريق ام عداره هجليج كيلك الخيرسان وبالتالي اما ان تبرم الحكومة والحركة الشعبية اتفاقا لفتح الطريق بقوة السلاح أو الازعان لشروط الدعم السريع وتوقيع اتفاقا رباعيا يضم الحكومة والحركة الشعبية والدعم السريع والأمم المتحدة باعتبارها الداعم بالاغاثة؛؛
وإذا مااتفق على الاتفاق الإنساني فإن ذلك يفتح الطريق لتسوية سياسية تنهي الصراع الحالي

                            يوسف عبد المنان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى