محمد عبدالقادر يكتب.. حادثة جبيت .. ضعف الجيش ام الدبلوماسية؟!

محاولة اغتيال الفريق اول عبدالفتاح البرهان قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة ، كشفت عن ثغرات نبهتنا الى حقائق مرة وماثلة مفادها ان الفشل فى دحر الجنجويد وانهاء مغامراتهم الطائشة لايعود ل(ضعف الجيش)، وانما لجملة اسباب اخرى.
بعض هذه الاسباب يرتبط بالاداء الاستخباراتي ، واخرى ذات صلة بمطبخ الدولة السياسي الذى غابت عنه (الحاصنة) ففشل فى توظيف غضب الشارع من المحاولة الى فعل جديد يعضد التفاف الشعب حول الجيش والقائد، لا اعتقد ان اداء اي حكومة يمكن ان يكون بخير فى ظل عدم وجود حاضنة سياسية تكون حلقة الوصل بينها والشارع، تستمد منه الاسناد، وتتجاوز به التحديات وتلجأ اليه فى الملمات والازمات، من يصدق ان حكومة البرهان برغم تحديات الحرب الوجودية بلا حاضنة سياسية حتى اليوم، سنعود الى هذا الامر تفصيلا..
غير انه لا بد من الاشارة الى ان اهم ما كشفته محاولة اغتيال البرهان هو ضعف العمل الدبلوماسي المؤسس على تكتيكات كسب المعركة فى الخارج قبل حسمها بالداخل.
من يصدق ان لا تبادر ولا دولة واحدة على ادانة محاولة اغتيال رئيس السودان، حتى من بين جوارنا القريب، هنالك اعتراف حتى من قيادة الحكومة بان السودان يمضي فى معركته الان بلاحليف دولي، الفريق اول ياسر العطا قال فى حواره الاخير مع المذيعة المتميزة عواطف محمد عبدالله ب(تلفزيون السودان) ان هنالك حلف يتشكل الان لمصلحة السودان، وهذا من اثار ضعف الاداء الخارجي رغم وجود الخيارات واستعداد دول عديدة لان تكون تحت خدمة بلادنا وفقا ل(قاعدة تبادل المصالح بالطبع) من الطلقة وحتى الصاروخ..لكنه صعف العمل الخارجي…
ومثلما فشلت الدبلوماسية والسياسة الخارجية فى ابلاغ العالم بان ماحدث تمردا وليس حربا بين جنرالين منذ البداية ، وعجزت تماما عن استقطاب حلفاء اقوياء،فقد فشلت كذلك فى (جبيت)، ولم تستطع اخطار العالم ومؤسساته ومنصاته الفاعلة بأن ماحدث كان يستهدف القضاء على الدولة السودانية ….
معلوم وكما يقول فلاسفة السياسة ان (الدبلوماسية هى الحرب بوسائل أخرى)، لكن للاسف فبمثلما ساهم ضعف السياسة الخارجية في انفصال الجنوب، والجيش يهزم التمرد هناك ويحول بينه وبين دخول اى مدينة كبرى ، فان دبلوماسيتنا فشلت حتى اليوم فى اقناع حتى دول الجوار بحقيقة ماحدث فى (جبيت) ، ولم تنجح فى انتزاع حالة ادانة واحدة لفعل المليشيا القذر، على الرغم من ان هذا الامر كان سيشدد الحصار عليها ويمنح السودان وقائده رصيدا اضافيا فى بنك الشرعية وعدالة القضية ، ويوفر ادلة كافية لادراج التمرد فى سجلات الارهاب الدولي ويحرج كفلائه وعملائه الذين يحاولون تبرئته على الدوام ، ووضعه فى كفة متساوية مع جيشنا الوطني رغم ما اقترفه من جرائم بحق الدولة والشعب السوداني.
اثيوبيا القريبة تمكنت من تصوير الامر فى التقراى ك(تمرد)، ووفرت الغطاء السياسي والدبلوماسي لجيشها حتى تمكن من استلام زمام المبادرة بعد أن كان التقراى على مشارف اديس ابابا…..
(واقعة جبيت) فى مغزاها ورسالتها لاتقل عن حادثة (منصة السادات) وكان يمكن ل(اسلامبولى جبيت) إسقاط الدولة السودانية للاسف، وبالرغم من ذلك لم يكترث القادة حتى فى دول الجوار الاقليمي لقول ( حمدا لله على سلامة البرهان)، ناهيك عن ادانة الغعل الارهابي الشنيع الذى استهدف رمز تماسك الدولة السودانية.
نعلم تماما ان المحاولات الشبيهة فى دول مثل كينيا والصومال وسيريلانكا والهند وباكستان والكونغو و العراق وسوريا وحتى الفاتيكان تجد حظها من رسائل الشجب و الادانة والتعاطف،ولكن يا لهواننا على الدنيا وقادة العالم بفعل ضعف دبلوماسيتنا وادائها الخارجي.. اغلقوا هذه الثغرة باعادة النظر فى ملف الاداء الخارجي، واختيار كوادر تستطيع التعامل مع دبلوماسية الحرب، وتوسيع الاستشارة والاستزادة من اساتذة واساطين العمل الدبلوماسي فى عهود الاداء الباهر( عبدالمحمود عبدالحليم، على يوسف، عثمان السيد) واخرين يجلسون فى الرصيف الان واظنهم يتابعون بقلق تضعضع اسم السودان فى دول العالم، نعم وعليكم ان تدركوا جيدا ان الدبلوماسية هي الحرب بوسائل اخري)..

Exit mobile version