محمد عبدالقادر يكتب…تجربة تاركو.. النموذج الذى نريد…

تاركو

اعجبتني(سودانوية) الصفات التى تحلت بها (شركة تاركو للطيران) خلال ظروف الحرب العصيبة ،فقد تمثلت سمات شعبنا الابي فى ( الفزعة والنجدة والشهامة واغاثة الملهوف) والالتزام بمكارم ( غرقنا ساسا)..

وقفت (تاركو) مع الوطن والمواطن خلال فترة حرجة من عمر السودان ابرز ما احدثته انها ( اذهبت الزبد) جفاء، وابقت ما ( ينفع الناس) و(تاركو) من شركات قليلة نحتت على وجدان السودانيين اسمها باحرف من وفاء فى زمن عزت فيه المواقف.
احدى ايجابيات الحرب رغم ماسيها وكوارثها العديدة انها ميزت (الخبيث من الطيب) ، واجرت اختبارا عمليا لكثير من ادعاءات ومزاعم الشركات وامتحنت مواقف الرجال، فثبت (قليلون)، وسقط (كثيرون) فى امتحان الوطنية واكرام الشعب السودانى على النحو الذى يستحق.
نجحت ( تاركو ) وقيادتها بامتياز فى امتحان الانسانية والضمير واظهرت ثباتا وانحيازا وصدقا فى تعاملها المسؤول مع ظروف المواطنين ، تعينهم وتواسيهم وتخفف ما الم بهم من مصائب وكوارث فاستحقت التحية والثناء والاحترام…

كثير من الشركات لاذت بالصمت والحياد ان لم يكن التواطؤ مع الظروف تجاه ما يعانيه البلد ومواطنه المغلوب على امره ، البعض الاخر انتظر انجلاء المعركة حتى يركب مع (الغالب) ويرتب اوضاع كسبه وجيبه ومصالحه الخاصة خلال المرحلة المقبلة، بعض رجال الاعمال لم يظهروا الا بعد ايقانهم بان الجيش لامحالة منتصر، البعض كان متماهيا ومستشارا لمليشيا الدعم السريع وهو يعول على دولة حميدتي ، لكنه بدا رحلة العودة الان الى مكاتب مجلس السيادة الانتقالي، و( كلو مرصود).

( تاركو) اختارت طريق الانحياز للوطن منذ البداية، وركزت قيادتها المحترمة وهي تختار البقاء فى ( خندق المواطن) ، واتبعت القول العمل بمبادرات انسانية تؤكد استقامتها الاخلاقية فى التعامل المسؤول مع قضايا البلد وظروف المواطن الذى قتلته وشردته الحرب، تستشعر ماسيه والامه وتتلمس احتياجاته بشهامة بائنة وسماحة وكرم سوداني (يعجب).
ما احوجنا لتعميم (نموذج تاركو) على الذين منحهم الله بسطة فى المال والنعم، سيخلد التاريخ عددا قليل منهم فى صحائفه البيضاء ، وسناتي على ذكر ادوارهم الوطنية الكبيرة، ولكن فى معرض ذكر (تاركو) يجدر بنا ان نقول لها شكرا وهي تشحن (سيور ماكينات) ومستلزمات غسيل الكلى الى السودان مجانا، ويجتهد طائرها الميمون كذلك فى التحليق بين الدول لجلب 40 طنا من المساعدات الطبية التى تحفظ حياة السودانيين وتعين قطاعا واسعا ممن اقعدتهم ظروف المرض ينتظرون رحمة السماء ، هذا علاوة على شحن مستلزمات تشغيل مصنع الجوازات الذى طال انتظار السودانيون له كثيرا..
اجمل مبادرات تاركو على الاطلاق استعداد الشركة التى اختارت مفردة ( تتشرف) بعناية وهي تبادر وتبدي استعدادها لنقل الاستاذ الكبير الشاعر هاشم صديق بعد ان ضحت الاسافير بصوره محمولا على ظهر ( كارو).. كنت قد كتبت اعتذارا لهاشم لحظة سريان خبر اجلاءه المفزع والموجع وفى خاطري من بامكانه التقاط قفاز المبادرة ولم تخذلن تاركو والقائمون على امرها يبلغونني ان هاشما فى حدقات عيون الشركة، وان اكرامه واحترام اسمه واجب على من يعرفون قيمة ما كتب واثرى به وجدان هذا الشعب الابي.
(شكرا تاركو) التى لم تخيب ظني ولم تخذل الشعب السوداني الذى نبهته الحرب وجحيمها الى عدوه وصليحه، شكرا البار بوطنه وشعبه سعد بابكر المدير العام ل(تاركو) على صنائع المعروف التى اثق تماما انها ستقيك مصارع السوء.

Exit mobile version