أثارت زيارة الدكتور عبد الله حمدوك ووفد تنسيقية القوى المدنية ” تقدم” للقاهرة جدلا وزخما كبيرا في الأيام القليلة الماضية، حول أن الزيارة جاءت بدعوة مصرية من القاهرة أم لا، واستمات أنصار تقدم في الساعات الأخيرة في إثبات أن الزيارة بدعوة رسمية من مصر، في المقابل حاول كثيرون من المناهضين لتقدم إثبات أن الزيارة جاءت بطلب من تقدم.
وهنا أؤكد الحقيقة بأن الزيارة (غير رسمية)، وجاءت بطلب من تقدم، رغم انني قد أتيت بتصريح خاص من الناطق الرسمي لمجلس الوزراء المصري المستشار محمد الحمصاني ينفي فيه نفي أن الزيارة غير رسمية، واحتفى كثيرون بهذا الخبر باعتبار نفي النفي إثبات أن الزيارة رسمية، السرعة في قراءة الخبر هو ما قاد إلى هذا الفهم، فالناطق الرسمي لمجلس الوزراء نفى من باب أن مجلس الوزراء المصري ليس الجهة المعنية بالزيارة، وأن النفي الذي جاء على لسانه وانتشر بشكل واسع غير صحيح، وهذا ليس معناه أن الزيارة رسمية بأي حال
معلوماتي الأكيدة أن الزيارة غير رسمية، وأن حمدوك ووفده لن يلتقوا الرئيس السيسي، هي مجرد زيارة لمكون سياسي سوداني يأتي للقاهرة لعرض رؤيته للحل في السودان، والقاهرة من جانبها تستمع للجميع من منطلق المسافة الواحدة مع الكل، وليس معناها تغيير السياسية المصرية، بالميل لطرف على حساب الاخر في السودان، فمصر سياستها ثابتة في السودان، مهما تداخلت الاجندات الاقليمية والدولية، لان هدفها واضح هو حل الأزمة، لكن بمحددات ثابتة بعدم التدخل في الشأن السوداني والحفاظ على المؤسسات السودانية وعلى رأسها بالطبع القوات المسلحة السودانية،
الخلاصة أنه إذا كانت تقدم قد أتت إلى القاهرة لدراسة علاقات استراتيجية معها، فهذا توجه تأخر كثيرا، وعلى تقدم أن تعي أنه مهما حاولت التطواف في دول اقليمية ودولية، فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال إقصاء القاهرة من القضية السودانية، أعتقد أن تقدم تأكدت من ذلك مؤخرا، وأن مصر دائما هي البيت الكبير لا يمكن أن تغلق أبدا بابها أمام أي طرف في السودان، وتؤكد القاهرة على الدوام أنها تتعامل مع السودان الوطن، تتواصل مع الجميع، ولا تغلق بابها حتى على من يرفضها، وذلك بغية للوصول إلى سلام دائم جامع يجمع كل الفرقاء في السودان على طاولة واحدة، لضمان أمن ووحدة السودان واستقراره.