ما زلت أحفظ حديثا للشهيد معز عبادي ، حين قال (نحن والله نتعلم من الجندى معنى الصبر ، فى الهجير ووسط الغابة وفى الوحل ومع كثرة الباعوض وقلة الزاد ، ولكنه لا يغادر موقعه ابدا ، ممسك ببندقيته دون كلل أو ملل) ، هذه هي الحرب..
تذكرت ذلك ونحن نشاهد مقطع أحد الأبطال وقد اصيب فى أمدرمان القديمة حول الاذاعة ، ونحمد الله أنه بخير ، وقد ظلت قيادة الجيش تعد لهذه المعركة 8 شهور ، واستغرقت لإلتقاء المتحركات ما يقارب 60 يوما أو أكثر ، ولكن النتيجة احدثت فرقا فى الميدان ، لم يكن ذلك فى ميدان واحد ، فأداء قوات بحرى وحطاب والكدرو ومعهد التدريب شديد البطش بالمتمردين وتطور أداء نسور الجو والمدفعية وتعززت النفرة فى بقية ولايات السودان..
وعلى ذلك النسق تتسارع ترتيبات تحرير ولاية الجزيرة (صرة السودان) و (درة الوطن) ، وتخليص أهلها من هذا الوباء ، والجند اشد حرصا وأكثر عزما ، لإنهم أبناء هذه الأرض ، ولأن تلك مهمتهم ، و لأن فقدان الجزيرة ترك فيهم حزنا عميقا و حسرة ، فلم يكن احدا يتصور ما جرى ، ولذلك يتدرتبون لرد صاعق وزحف ماحق ، وفق قواعد مرعية ، وإن كثر إشفاقنا..
والجزيرة ولاية الشهداء والنفير فى كل حين ، منها صعدت لله ارواح الشهداء وزراء وقادة وشباب وزراع ، كانوا ابطالا وعاشوا ابطالا ، لا أحد يغمط هذه الارض المعطاءة حقها ولا يزايد على أهلها إلا موتور..
ولا تقتصر الترتيبات عليها ، وإنما بقية الخرطوم ونيالا وزالنجى والجنينة والضعين ، لا مكان للجنجا فى بلادنا ووطننا..
هذه معركة واحدة ، واعداء كثر ، ورص الصف هو أكبر دافع والثقة فى نصر الله بركة والثقة فى جيشنا ضرورة ومزيد من العزم والتدافع..