قلت له: من مفارقات هذه الحرب اللعينة، وحكاويها التي لا تنتهي، ما يُروى كفاحا على لسان قائد الفرقة الأولى مشاة، اللواء الركن (احمد الطيب)، الجنرال الذي سلّم حاضرة الولاية (مدني) وفرقته الاولى، للمليشيا المتمردة (تسليم مفتاح)، حيث يُروى عنه ويُعاد، أنه قال إن فرقته كانت تمتلك عدد (9) مدافع فقط من الدوشكا، استطاعت المليشيا أن تعطل ثلاثة منها في الدفاعات المتقدمة، في مواجهة عدد (70) مدفع ثنائي بطرف القوة المهاجمة، إن صح هذا القول، من ناحية عملية فهو إلى المنطق اقرب، إذ لا يمكن أن تصمد (6) دوشكات في مواجهة (70) رباعي وثنائي في يد مقاتلين يتمتعون بإمداد مفتوح، يمكنهم هذا الإمداد من تكثيف النيران والاقتحام.
ذات الشيء حدث في حاضرة ولاية سنار (سنجة).. والصورة هنا وهناك تطابق.. بعضها من حيث (التسليم) ولكن الفارق الوحيد هو أن قائد الفرقة 17 مشاة سنجة، اللواء الركن اسماعيل عثمان سراج، الذي مازال في الإيقاف الشديد بمنطقة جبيت في انتظار المحاكمة مثل اللواء الركن احمد الطيب، يقول لبعض خاصته إنه تعرض للخيانة من بعض عساكره، مع أن دفاعاته في المنطقة الجنوبية لسنجة من الأساس كانت (هشة) جدا واستخباراته مضروبة من الداخل.
ذلك زمان مضى، ما بين سقوط مدني وسنجة، وصمود الابطال في محور جبل موية، من المفارقات أن ما كانت تمتلكه قيادة الفرقة الاولى مشاة مدني من دوشكات للاشتباك في مواجهة الثنائي والرباعي، باتت قواتنا (تغنمه) في معركة في واحدة مثلما حدث في معركة تحرير جبل موية من دنس الاوغاد، اغتنمت قواتنا الباسلة عدد (13) مدفع ثنائي بحالة ممتازة.. وعدد (8) عربة دوشكا وواحد مدفع D30 مشون وجاهز للاستخدام، كما تم تدمير عدد (24) عربة قتالية وهلاك مئات المرتزقة من جنوب السودان وتشاد وإثيوبيا وبقايا عربان الشتات، كما هناك كمية من الذخائر والأسلحة الخفيفة التي ستمكن القوات المسلحة من تحقيق المزيد من الفتوحات في محوري سنار والجزيرة، وفي الانتظار كمية من العتاد الذي ستحصل عليه قواتنا من سنجة وبقية محليات الولاية الدالي وأبو حجار والسوكي والدندر وكذلك هناك كميات من الأسلحة في الجزيرة.
أعود وأقول أنه بعد عام وسبعة أشهر من عمر الحرب، استطاع الجيش أن يُنظم صفوفه بشكل أفضل (من مجاميعو)، حصل على السلاح الكافي وقام بتدريب المقاتلين على استخدامه بجانب فنيات حرب المدن، لذلك ستتوالى الفتوحات ويتوالى سقوط المليشيا في كافة الجبهات القتالية بإذن الله، ونحن موعودن بالكثير من الغنائم في الفترة المقبلة.
اخيرا.. وفي هذه السانحة لابد من تحية اجلال وإكبار واعزاز للنسور والأبطال في سلاح الجو السوداني بقيادة اللواء ركن طيار (طلال علي الريح)، فقد تحمل الطيارون عبء هذه الحرب منذ الوهلة الأولى، وتغلبوا على كافة الصعاب والمعوقات واستطاعوا تغليب الكفة لصالح الجيش السوداني، بدليل أن القوة الصلبة التي اشعلت هذه الحرب لم يفضل منهم أحد في ساحة القتال بما فيهم قائدهم الهالك.
التحية للطيارين والملاحين وكل الذين كانوا جزءا أصيلا في تنفيذ المهام، ظلوا في حالة هجوم في كل الجبهات، فزرعوا الفضاء السوداني الفسيح، بالرجولة والبسالة والاقدام، لله درهم، بقدر ما أعطوا وبقدر ما قدموا.