اعمدة الرأي

ايمن كبوش يكتب …. اين ضمير العالم من هذه الانتهاكات.. ؟

بتاريخ 30 أغسطس الذي وافق يوم امس الجمعة، اعاد العالم، كما ظل يفعل في كل عام، حديثا (مكرورا) عن اليوم العالمي لمكافحة جريمة الاختفاء القسري، باعتباره اليوم الذي حددته الأمم المتحدة استجابة لمبادرة أطلقها اتحاد روابط أقرباء المعتقلين المختفين قسرياً في أميريكا اللاتينية” في ثمانينيات القرن الماضي.. ومنذ ذلك التاريخ قامت هيئات حقوقية في مختلف دول العالم برصد جرائم الاختفاء القسري التي تطال المدنيين.. حيث تعرّف منظمة العفو الدولية ضحايا الاختفاء القسري بكونهم أشخاصاً اختفوا فعليا بعد القبض عليهم من قبل عناصر مسلحة غير تابعة للدولة، وتقول بعض الروايات ان الزعيم النازي (أدولف هتلر) هو أول من ابتكر هذه الجريمة بموجب مرسوم أطلق عليه اسم “الليل والضباب” في 7 ديسمبر/كانون الأول 1941، استهدف به الناشطين المعارضين له خلال الحرب العالمية الثانية.

بعيدا عن (نازية) تلك القرون الغابرة، ومع تعدد وسائل التوصل إلى الجناة وتضييق مساحات الافلات من العقاب، إلا أن (نازية) هذه الأيام تفرض سيطرتها على المشهد العالمي وما يحدث في السودان ليس استثناءً بل يتم أمام سمع وبصر وضمير العالم (المطفف)، بينما تفرغت الأمم المتحدة للبيانات التي تقول إن جرائم الاختفاء القسري تنتشر عبر العالم، باعتبارها وسيلة لقمع المعارضين السياسيين وإرهابهم. ويقول أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، إن حالات الاختفاء القسري تسجل عبر العالم بشكل شبه يومي فيما لا يزال مصير الآلاف من المختفين مجهولا.. ويضيف حسب اخبار مبذولة: “أصبح الاختفاء القسري وسيلة للضغط السياسي على الخصوم في النزاعات المحلية بعد أن كان يقتصر على الدكتاتوريات العسكرية.”

بكل تأكيد أن العالم يكتفي فقط بالتقارير التي تجد طريقها الى الاضابير والادراج الصماء، بينما تكتفي الأمانة العامة للأمم المتحدة وامينها العام ببيانات الشجب والادانة والتعبير عن القلق دون أن يحرك العالم ساكنا تجاه هذه الجرائم التي دائما ما يفلت مرتكبوها من العقاب طالما أن الدول التي تسمى نفسها (دول عظمى) هي التي ترعى الإرهاب المستتر حول العالم وهي التي استمدت عظمتها هذي، اصلا، من مآسي الشعوب المستضعفة والمضطهدة لأنها هي التي تنتج السلاح وتقوم بتطويره فتكاً وتدميراً وهي التي تبيعه لمحاور الصراع، ومتى ما سكتت البنادق في بقعة ما، تحت مظان السلام، انتجوا حروبا جديدة يصنعونها من العدم وكأنهم يقولون لنا: (الحرب في الأرض بعض من تخيلنا إن لم نجدها عليها لاخترعناها).. هؤلاء هم الذين يشعلون الحروب ويوقدون نيرانها، لا يهمهم أن احترق العالم بإثره، فالحرب ستظل بعيدة عن امريكا ولان الشعب الأمريكي ليس من بين الضحايا.

أعود وأقول إن سجون المليشيا المتمردة تنوء بالكثير من الجرائم التي ترتكب ضد المدنيين الذين ينطبق عليهم توصيف (جريمة الاختفاء القسري)، حيث احتشدت السجون والمعتقلات المعلومة في الخرطوم والجزيرة ودارفور وسنار وكردفتن بالكثيرين من أبناء الشعب السوداني الذين لم يحملوا السلاح ولم يرتكبوا اي جريرة غير وجودهم في وطنهم أو منازلهم أو تحركهم في الشارع العام فيتم القبض عليهم من أجل النهب والسرقة وانتهاكات أخرى تصل إلى حد الاغتصاب أو إزهاق الارواح، ولكن العالم لا يرى كل تلك الجرائم ولا يدينها بل يبحث عن مخرج لتبييض وجه هذه المليشيات وداعميها المعلومين، حيث تقول آخر التقارير أن المحتجزين قسريا من المدنين وصلوا إلى مائة ألف محتجز وبينهم من توفى اثر التعذيب الشديد أو بسبب المرض ونقص الغذاء، فمتى تتحرك المنظمات الحقوقية والأمم المتحدة لإدانة هذه الانتهاكات وكذلك اتخاذ تدابير عملية لإثبات الجرائم ومحاكمة مرتكبيها، بدلا من الاكتفاء بالبيانات والتقارير التي لا تقابلها المليشيا الا بالمزيد من التجاوزات والازدراء، يكفي انها تستمتع يوميا بسقوط الضحايا من المدنيين بسبب القصف والتدوين على احياء ام درمان القديمة ومحلية كرري، المليشيا الارهابية غير عابئة بالقتلى من المدنيين وكأنها تمد لسانها لمن ينشطون ليل نهار من الأمريكيين وعملاء الداخل، لتبييض وجهها الكالح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى