أحمد دندش يكتب…(الصوت) يلغي تأثير (الصورة) احياناً…(صرفة)…حكاية مؤثر محتاج (وقفة).!

صوت (تكّه القداحه) المستفز لعدد كبير من المقلعين عن التدخين، الصوت الجبلي الغارق في الغموض، اغنية (ياقلبي السراري) و(دخلة) محمود بعنفوان حنجرته و(صوته التريان)، تدفق المعلومات وانسيابها على المسامع، الضحكة المتقطعة الساخرة وبعض عبارات (شقية) تتجاوز المألوف وتقترب من (المحظور).!….كل تلك النقاط، ربما تجمعت لتقدم لنا ظاهرة فريدة من نوعها في عوالم التأثير، تلك الظاهرة التي سيطرت تماماً على مجريات الاحداث السياسية في السودان، وتربعت على عرش الاهتمام والملاحقة.

(١)
البداية لم تكن بذات القدر من التأثير، فقبل سنوات كان حضور وتأثير (الانصرافي) في الميديا اقل بكثير مما يتحقق الان، وذلك يعود لاسباب في مقدمتها عدم اكتشاف ذلك (المؤثر) بالقدر الكافي، اضافة الى اسم (الانصرافي) نفسه، والذي ربما كان في الماضي (غير محفز) لملاحقة صاحب المحتوى، وذلك امر طبيعي جداً.

(٢)
بذات القدر فإن صعود (الانصرافي) مؤخراً لقمة النجومية وإحتلال عرش التأثير يعود لاسباب منطقية و(بسيطة جداً) فالرجل كان الوحيد الذي يجيب على كل مايدور من تساؤلات المواطنين فيما يختص بالحرب، بل يذهب لابعد من ذلك وهو يكشف معلومات جديدة في كل (لايف) يعانق مسامع مريديه مما احدث نقلة كبيرة في حجم جماهيريته وتحوله من مجرد ناشط اسفيري الى (مؤثر عظيم).

(٣)
(الانصرافي) كذلك، يتكئ على رصيد وافر من الثقافة والمعلومات في شتى المجالات فهو يتحدث عن رؤية سياسية ثم ينتقل بسلالة للتأكيد على حديثه والاستدلال بآية قرآنية قبل ان يختتم الجولة بالاستناد على المنطق، وثقافة (الانصرافي) لاتقتصر على السياسة او المنطق وحسب بل تتعداها لتشمل الفن والرياضة، مما صنفه ك(قاموس مجتمعي شامل).

(٤)
البعض اكد مراراً وتكراراً ان النجاح الكبير والعبور الساحق لشخصية (الانصرافي) يقتصر فقط على الغموض، وقد نتفق معهم في جزئية ان الغموض كان له اسهامه وتأثيره لكن هناك ايضاً عناصر اضافية ربما جذبت الشباب تحديداً ل(الانصرافي) وفي مقدمتها (البساطة) في الطرح، تلك البساطة التي يمكن ان تصل احياناً ل(الشفتنه)_ وهي بمصطلح الشباب تعني التفرد وحسن التصرف_.!

(٥)
عبارات (الانصرافي) الثابتة والراتبة صارت اليوم هي الاوفر تداولاً وسط الشباب، فكثيراً مابتنا نستمع لاحدهم وهو يتحدث معه صديقه: (ماكلام نجيض ياجنا)، و(الله دا ماعزيز في السماء)، وغيرها، بينما يجد (تجسيده الصوتي الدرامي) للمواقف حيزاً كبيراً في دواخل متابعيه، خصوصاً عندما يقوم بنقلك معه في الخيال وهو يسأل (ياحاجة هناك سلام عليكم).!

(٦)
ومع كل ماذكر اعلاه، يبقى الوصف الادق ل(الانصرافي) انه حالة نادرة من التأثير، تلك الحالة التي استندت في التمدد على وطنية صادقة وغيرة و(حُب) لهذا البلد، يكفى ان تستمع له وهو يعلنها وبوضوح (انا السودان ذااااتو)، تلك العبارة التي تجعلك تحب وتحترم تلك الشخصية، وتردد مع الراحل صلاح احمد ابراهيم: (تسال شِن الحبّب فيهو…الحُب في ذاتو مُبرر كافي).!

(٧)
عشرات المفردات ومئات الالقاب وآلاف المصطلحات التي اطلقها (الانصرافي) صارت اليوم هي شعارات وعبارات متداولة في كل مكان ولعل اشهرها (شغل بختلف) و(تتبل وتمشي لي الله) و(شعل كهنة كبار)- اللقب الذي اطلقه على البرهان وقادة الجيش- اضافة الى مصطلحات اجتماعية وشبابية عديدة صارت اليوم تشكل (لغة) خاصة بالشباب، مما يعكس مدى تأثير ذلك المؤثر الغريب.

(٨)
بالمقابل، هناك اتهامات عديدة طالت (الانصرافي) لكن لم يتمكن مطلقوها من تثبيتها او مقارعة الاخير ب(الحجة والبرهان)، وابرز تلك الاتهامات ان (صرفه) هو (كوز) يحاول اعادة نظام الاسلاميين من جديد للواجهة، وهو اتهام سخر منه (صرفه) في اكثر من لايف واستطاع ان ينسفه من جذوره بمعلومات وحقائق دامغة واثباتات قوية، اثبتت انه مجرد (سوداني) بلا انتماءات بخلاف حب الوطن.

(٩)
اخيراً، على الجميع ان يتعامل مع (الانصرافي) بشئ من التلقائية والعفوية والكثير من الحب، فالرجل استطاع في فترة حرجة للغاية ان يطمئن الكثيرين، وان يبعث لهم عبر (لايفاته) المحضورة رسائل الدعم والطمأنينة و(المحبة)، واستطاع كذلك ان يزرع الامل في الدواخل بأن غداً افضل واننا (منتصرون) برغم كل المواجع والمآسي والالم، وهو مابدأ يتحقق فعلياً على ارض الواقع.

(١٠)
شكراً (صرفة)….وربنا ينصرنا بيك….♥️

Exit mobile version