تمثل محاولة اغتيال الفريق البرهان في جبيت الأسبوع الماضي تطورا مهما في مسار الحرب بالبلاد، ونسفا لأي امل في تسوية في القريب العاجل باعتبار أن الدول الأربعة التي ترعى مفاوضات جنيف كانت تعلم مسبقا بمخططات الدعم السريع الذي لايقدم على مثل هذه الخطوة الا بعد موافقة كفيله الإماراتي والسعودي فهل الصفعة التي وجهتها الخرطوم إلى خد الولايات المتحدة الأيمن برفض البرهان عقد اجتماع بالمبعوث الأمريكي داخل طائرة أمريكية سببا دفع الولايات المتحدة لإثبات أن الأوضاع في السودان مضطربة فبعثت بمسيرات الدعم السريع لإثبات انها محقة حينما طلبت من البرهان أن يهرع إليها ويلتقي المبعوث الأمريكي على ظهر دابته دون أن تطأ أقدامه أرض السودان .
وحسنا ألغت الحكومة هذا الاجتماع المهين الذي خطط له لارغام البرهان للسعي نحو جنيف الثانية مهرولا والقبول بالوصفة الأمريكية البريطانية السعودية الإماراتية بعد أن عادت دول الرباعية مرة اخرى للتحكم في المشهد السياسى فى السودان كما كانت تفعل من قبل في عهد رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك برضائه وقناعته بأن الدول الغربية بيدها الأرزاق والحياة والموت وبالتالي طاعتها فرض وجوب في دنيا السياسية.
بيد أن محاولة اغتيال البرهان وحدت من جديد مشاعر السودانيين اتجاه جيشهم وجمعت مكونات أغلب الشعب السوداني تحت يدي قائد الجيش وهو يظهر أمام الرأي العام بهذه الجسارة والتماسك والإقبال على الموت مبتسما مما اغاظ الطرف الآخر من الدول الأربعة وخامستهم اسرائيل التي تخلت عن البرهان في منتصف الطريق وهو أول رئيس سوداني يلتقي رئيس وزراء إسرائيلي في التاريخ ولكن ذلك لم يشفع له وتركته اسرائيل في منتصف الطريق ولم يعد أمام الفريق البرهان بعد استهدافه في شخصه ومحاولة اغتياله في يوم تخريج طلابه الا التوجه شرقا وقطع العشم من امريكا ودول الغرب وصم أذنيه عما تقوله السعودية والاتفاق مع حلفاء حقيقين مثل روسيا والصين وتركيا واخذ العبرة من اسياس افورقي الذي إذا اتبع هؤلاء أمريكا والإمارات لسقط في مستنقع سقط فيه البشير من قبل ذلك .
(2)
ليس مهما أين تقع المنصة التي أطلقت منها المسيرات، ولكن المهم أن سلاحا فتاكا جديدا دفعت به الدول الرباعية لقلب المعركة في الوقت الذي تقدم العصا والجزرة في تعاملها مع الحكومة السودانية ولكن الدول الرباعية وكلاب صيدها من المليشيا العسكرية والمليشيات السياسية من قوى الحرية والتغير عندما تتخذ منهج الاغتيالات السياسية وتطرق مثل هذه الأبواب فإنها تحفر لنفسها قبرا عميقا ترمي فيه يوما قريبا خاصة وأنها قوي قشرية لاعمق شعبي لها باستثناء حزب الأمة الذي بولوغه في دماء السودانيين بتحالفه مع المليشيا قد خسر دنياه السياسية واخرته الاجتماعية لكن محاولة الاغتيال الفاشلة حققت قدرا من التماسك حول البرهان الذي كلما عبر عن اشواق السودانيين في العزة والكرامة صار أقرب إليهم من حدقات العيون وماكان للبشير أن يمتد حكمه لثلاثين عاما لولا المؤامرات التي نسجت خيوطها في الخارج ولن يبارح مخيلة الشعب السوداني مشهد التفاف الشعب العفوي حول البشير يوم إعلانه مطلوبا للمحاكم الدولية بسبب رفضه تسليم مساعده أحمد هارون ومساعد الاحتياطي المركزي على كوشيب لمحاكمتهم خارجيا في لاهاي وعندما تجول البرهان وسط الضباط الخريجين ومسيرات الدعم السريع الانتحارية تتساقط من حوله لم يتزحزح أو يغادر، مكان الاحتفال فإنه بعث برسالة إلى ال دقلو ومن خلفهم الدول الرباعية أن السوداني لايخاف الموت أن هو اقبلا ووحدة الجبهة المدنية والعسكرية التي تحققت بعد حادثة جبيت جاءت في أن كادت الجبهة الداخلية أن تعتريها شروخات عميقة بسبب مفاوضات جنيف التي استهدفت ضرب تماسك الجبهة الداخلية اولا بعدم الاعتراف بالحكومة وتحديد الجيش وحده كمفاوض في جنيف وهي خطوة لو أقدم عليها البرهان لخسر حلفائه من قوى الكفاح المسلح التي قاتلت مع الجيش بشرف ورجولة ولكن الرباعية سعت للأنفراد بالجيش وحده وبيع الحركات المسلحة وبيع المكونات السياسية الداعمة للجيش وهم حلفاء الأمس أعداء اليوم ولم يمضي وقتا طويلا علي تحالف مناوي وجبريل مع الرباعية حينما كان الدعم السريع مغضوبا عليه من الغرب قبل الرضاء عنه اليوم.
وإذا كانت الرباعية قد سعت لتجريد الحكومة من كل سند وظهرا لها فالولايات المتحدة بعثت بالأمس باستمارات للمشاركة في مفاوضات جنيف المنعقدة في منتصف أغسطس الجاري حسبما هو معلن أو جنيف لاحقة يتم الأعداد لها سرا وعلنا وبلغت جملة النساء اللاتي شملتهن الدعوة أربعين امرأة ممن يمثلن تحالف تقدم وتفريعاته وهن لايمثلن نساء السودان حقا إنما واجهات مصنوعة مثل تحالف لا لقهر النساء وتحالف نساء دارفور وجبال النوبة وكثير من التنظيمات الكرتونية التي تعيش على أموال المنظمات الغربية ومن المقرر أن تسافر النساء المختارات إلى يوغندا حيث تعقد ورشا تدريببة عن فنون التفاوض ومن ثم يتجه الوفد لجنيف في ذات الوقت تم إخطار عشرة من صحفيي الداخل بالتوجه إلى نيروبي وهناك عشرة آخرين من مصر ويوغندا تعقد ورشة تدريبية لهم ب(معهد كارن) في ضاحية قريبة من نيروبي لتدريبهم على تغطية المفاوضات وتم تخصيص مبلغ أربعين مليون دولار للمساعدة في إعداد حشد القوى السياسية والمدنية لمساندة المليشيا واغراق جنيف بتظاهرة سياسية من القوى المساندة للملشيا من أجل تزييف الواقع
(3)
في الأسبوع الماضي رفد اثنان من الكتاب الساحة بمقالات نوعية كان لها أثرا كبيرا في الوعي بقضية واحدة وهي قضية الحرب والسلام في السودان ولكن كل من الكاتبين انطلق من مشكاة مختلفة فالأول الأستاذ وانس عبدالرحمن المحامي وهو اسم ربما لم يقرأ له أحد من قبل مساهمة فكرية أو إعلامية نظرا لبعده عن الأضواء ولكن الضرورات يفرضن كلمتهن فالاستاذ وانس تستمد مقالته قيمتها المعرفية من عمق ثقافة رجل بدوي من بادية المسيرية رفع صوته عاليا وأنهال تشريحا لشعارات المليشيا ودحض بالأدلة والبراهين خطل مزاعم المليشيا انها ترفع سلاحها لرفع المظالم التاريخية عن مهمشين في الأرض وكيف حاربت ذات قوات الدعم السريع فيما سبق دعاة محاربة التهميش ممثلين في حركات الكفاح المسلح والحركة الشعبية لتحرير السودان وقال وانس عبدالرحمن أن الحديث عن دولة حدود 1956 لايعرف كنهه الذين يقتلون الأبرياء في الجزيرة وفي كل مكان وتساءل وانس عبدالرحمن المحامي لماذا أينما حل الدعم السريع تبعه النهابة والكسابه وعصابات القتل والسحل وفر الناس من مناطق الدعم السريع فرار الأصحاء من القطيع الأجرب و انس من كبار مثقفي قبيلة المسيرية الذين تصدوا للدعم السريع بالتوعية وسط أهلهم وعشيرته مثله والدكتور الدرديري محمد أحمد الذي اول من تصدى للدعم السريع وكتب مقالات أصبحت مرجعا لكل باحث عن جزور الحرب الحالية وجاء الدرديري بتعريف عرب الشتات وهم مجموعات من العرب فاقدي الهوية والأرض دخلوا من قبل مدينة القيروان التونسية واحالوها لرماد ولهم مقدرة فائقة على الدمار والخراب وعجزا عن البناء والتعمير ، ومثقفو المسيرية هم الأكثر تصديا لخطل دعاوى الدعم السريع أكثر من مكونات مايسمى بدولة العطاوة من الرزيقات والحوازمة وقد اختار أغلبهم دفن رؤوسهم في رماد( الفريق) اي دامرة العرب إلى حين تكشف ابعادالمعركة اما ركبوا سرج البندقية بدمها النازف وأما الناي بأنفسهم وأسرهم بعيدا عن مسرح الحرب ومقال وانس عبدالرحمن جدير بالقراءة ولكن كعادة القراء في هذا الزمان لايحتفون الا بغث الكلام وساقط الحروف.
المقالة الثانية التي توقفت عندها هي لعلم وأستاذ جامعي وسفير سابق ومثقف عميق جدا الا وهو السفير إبراهيم البشير عثمان هذا كتب دون تعريف نفسه بالكباشي لشئ عند الكاتب الذي ينحدر من أسرة جمعت بين ثلاثة التدين العميق والتعليم الرفيع والنظام الاهلي وأسرة الكباشي التي تمثل البيت الروحي للكبابيش تلك القبيلة العربية الكبيرة من الأسر السودانية التي جمعت ثوب السودان الواسع ونسجت وحدة القبائل والاعراق وهزمت بالدين والأخلاق الفوارق الاجتماعية التي يستثمر فيها إعداء البلاد الدكتور إبراهيم البشير غاص عميقا في أسباب مانحن فيه من حروب وصراعات ودور المجتمع الدولي فيه وهو أول مقال لمثقف سوداني يجرؤ على تحليل عميق لما قامت به الدول الأربعة امريكا والسعودية والإمارات وبريطانيا وكيف تم توزيع الأدوار بينهما ومتى ذلك ولماذا؟ وماهي النتائج التي ينتظرها الأربعة الكبار في المنطقة ورغم أن المقال طويلا ويبدو للبعض مملا ولكن لغته الرفيعة وجزالة الأسلوب وعمق التحليل يجعلك تقرأ حتى آخر سطرا من المقال وتنتظر أن كان للحديث بقية.
ومقال إبراهيم الكباشي المفكر والمثقف أعاد لمخيلتي يوم ان حدثنا نحن ثلة من الصحافيين السفير الإثيوبي القتيل ووزير الخارجية الأسبق وهو نصف سوداني والنصف الآخر إثيوبي استمع إلى امرأة تدعيم أسماء جاء بها حمدوك وزيرا للخارجية لأنها صديقة لحرمه (ووانسة) في هجعة الليل ولكنها وزيرة خارج التغطية تحدثت في جوبا أمام حشد من وزراء خارجية دول المنطقة وضرب السفير سيوم مسفن كفا بأخرى وتعجب من أمر السودان وقال لنا مالكم تفعلون ببلادكم هكذا نحن الأفارقة نعتبر دوما وزير الخارجية السوداني قدوة فكيف تبعدون رجلا مثل الدرديري محمد أحمد وتاتون بهذه المرأة
ضحك سيد عثمان صالح وقال له انها ثورتنا التي شعارها
كنداكة جا بوليس جرا!!
حقا أن بلادا تلك شعاراتها لاتابه كثيرا لمقالة لايكتبها الا منصور خالد أو الدكتور إبراهيم البشير عثمان الكباشي وهو من السفراء القلائل الرافضين للخروج حيث الدعة والعيش الناعم بقى الكباشي في دار المجذوب ينقب في قديم الكتب ويتامل في العيش الملا القندول( بالبرنوق) الأخيرة نترك شرحها للمهندس على دقاش الذي حرمتنا هجرته من نفحات قلمه