د.مزمل أبو القاسم يكتب … مسيرات المرتزقة.. فرفرة مذبوح!
ضياء سليمان
بدأت المليشيات المجرمة في التقهقر في ساحة المعارك بحمد الله وتوفيقه، ولابد أن نثبت للجيش أنه انتصر ابتداءً في معركة الكرامة منذ يومها الأول، عندما أفشل الانقلاب الدموي الذي دبره حميدتي وحلفاؤه وداعموه، وكانوا يستهدفون به قتل قادة الجيش والاستيلاء على الحكم صبيحة يوم 15 أبريل بقوة غاشمة، قوامها آلاف التاتشرات والمدرعات ومئات الآلاف من المليشيات المدججة بأحدث أنواع الأسلحة والعتاد الحربي.
انتصر الجيش عندما نجح في إفشال أخطر مؤامرة في تاريخ السودان الحديث.. مؤامرة اختطاف الدولة السودانية والسيطرة على مفاصلها والتحكم في أجهزتها ونهب مواردها وموانئها وأراضيها مياهها وكل ثرواتها.
انتصر الجيش بإرادة قيادته وبسالة ضباطه وضباط صفه وجنوده ودماء وأرواح شهدائه، وفي مقدمتهم أبطال الحرس الرئاسي الذين فدوا بلادهم وقائدهم بأنفسهم، واستماتوا في منع المليشيا المجرمة من اغتيال قادة الجيش، وأفشلوا الانقلاب الدموي الغادر الذي دبرته قوى الشر واستخدمت فيه الباغي الشقي وشقيقه ومليشياته مخالب قط، بهدف اختطاف الدولة السودانية بكاملها.
تصدى الجيش السوداني للمخطط الشيطاني الغادر، وصمد في مواجهة قوى غاشمة تم تجهيزها وحشدها وتوزيعها على مناطق استراتيجية في العاصمة والولايات على مدى سنوات، بعد تضخيمها وتزويدها بأحدث أنواع الأسلحة الفتاكة.
قدّم الجيش الباسل آلاف الشهداء والأسرى والجرحى في معركة الشرف والكرامة، وقاتل عاماً كاملاً بشراسة وفراسة وبطولة تليق به وتشبهه وتشبه تاريخه العامر بالبطولات والتضحيات والانتصارات والدماء الطاهرة.
اضطرّ الجيش للركون إلى الدفاع، واجتهد بكل ما أوتي من قدرات وخبرات لحماية مقراته، وتقليص خسائره والمحافظة على قواته ما استطاع إلى ذلك سبيلا، ونجح في تحويل معظم حامياته إلى مناطق قتل للمرتزقة، فأباد منهم مئات الآلاف (المدرعات والإشارة وبابنوسة والأبيض مثالاً)، لكن التكتيك الإجرامي الخبيث الذي اتّبعته قيادة التمرد أغرى آلاف المرتزقة بالانخراط في صفوفه، بعد أن أباح حميدتي وشقيقه المجرم لهم نهب وسلب مؤسسات الدولة والبنوك والشركات ومنازل المواطنين وأموالهم كل وممتلكاتهم.
دمر الجيش أكثر من عشر نسخ لمليشيات الدعم السريع منذ 15 أبريل 2023، لكن تدفق المرتزقة (الذين سمّاهم حميدتي الكسابة) ساعد المليشيات على تعويض خسائرها البشرية الفادحة، مثلما ساهم الجسر الجوي الذي نظمه الكفيل في تعويض خسائر المرتزقة من الأسلحة والمعدات الحربية، ومع ذلك صمد الجيش بمعية القوات النظامية الأخرى في مواجهة العدوّان الشرس، وامتصوا الصدمة بتكتيكات قتالية محكمة، أوضحت عظم الفارق بين الجيش المهني المؤهل والمليشيات العشوائية ومرتزقتها الملاعين.
الآن اختلفت الحسابات وتغيرت معادلة المعركة بحمد الله وتوفيقه أولاً، وبصمود أبطال القوات النظامية والمستنفرين والمجاهدين ثانياً، وتحول الجيش للهجوم وشرع في محاصرة المرتزقة بقوات ضخمة في الجزيرة وشمال سنار والخرطوم والمصفاة والنيل الأبيض، وبات في حالة (تقدّم) كل صباح، مكبداً المليشيات خسائر فادحة، ومستنزفاً قواها الخائرة بضربات متلاحقة جواً وبراً من كل الاتجاهات.
أصبحت المليشيات محاصرة في ولاية الجزيرة وغرب سنار والمصفاة وجنوب أم درمان، وجحافل الجيش تتقدم باضطراد، مدعومةً بأسلحة نوعية وقوات ضخمة من المشاه، المسنودين بغطاء جوي قوي.
ضاق الخناق على المرتزقة، فازدادت معدلات ولولة جناحهم السياسي، وتكاثر صياحه في منصات التواصل الاجتماعي، ولم تجد المليشيات (وداعموها) بُداً من استخدام سلاح المُسيّرات لاستهداف بعض مناطق سيطرة الجيش، بضربات لا قيمة لها من الناحية العسكرية، بقدر ما تستهدف ترويع المدنيين وتحقيق أهداف دعائية وإعلامية محضة، بعد أن فقدت المليشيات القدرة على شن أي هجوم مؤثر على الجيش بالمشاه.
نتوقع أن يستمر هذا التكتيكي الخبيث في مقبل الأيام، بغرض رفع معدل الضغط على الجيش لإجباره على التفاوض مع المرتزقة، وتوقيع اتفاق يضمن لأوغاد آل دقلو وجناحهم السياسي البقاء في الساحتين العسكرية والسياسية ولكن هيهات!
نقول بملء الفاه إن معركة الكرامة لا تقبل أنصاف الحلول مطلقاً، لأنها معركة بقاء أو فناء للدولة السودانية وجيشها الباسل، وكل من يحاول مهادنة المرتزقة وداعميهم والمتآمرين معهم (والمتقزمين من خلفهم) سيجد نفسه في مواجهة مباشرة مع الشعب قبل الجيش.. فليحذروا!
مطلوب من جهاز الاستخبارات العسكرية أن يكون يقظاً ويرفع معدلات المراقبة والمتابعة لرصد (السلاح الأخير) الذي أشهره المرتزقة لترويع الآمنين، وتقليص خطر المسيرات الجديدة إلى الحد الأدنى، سيما وأنها ضعيفة التأثير ومحدودة القوة (تعمل بمحرك بنزين صغير وتحمل دانة هاون واحدة)؛ لكن خطرها ينحصر في طول مداها (350 كيلومتراً).
معلوماتنا تشير إلى أن المرتزقة سيكررون استهدافهم لبعض المناطق الآمنة بهذه المسيرات، وأنهم يخططون لاستهداف بورتسودان (الميناء والمطار تحديداً) بالتسلل إلى مناطق قريبة (همشكوريب وولاية البحر الأحمد عبر سهل البطانة)، لذلك يجب على الجيش أن يراقب تلك المناطق (جواً وبراً) بدقة وصرامة.
انقصم ظهر التمرد وتوقف الاستنفار بالمقاتلين من بعض الحواضن الاجتماعية الداعمة للتمرد، بعد أن استحرَّ فيهم القتل (بموت الضان)، بينما تضاعفت قوة الجيش وتحول إلى الهجوم بشراسة.. فكان الحل الأخير للمرتزقة توظيف المسيرات لإحداث فرقعة دعائية كبيرة، لن تغني عنهم شيئاً بحول الله.
المسيرات فرفرة مذبوح.. وأسوأ أيام المرتزقة لم تأت بعد.