قلت: يا سبحان الله.. بعد شهر واحد من عملية الانقلاب على حكم البشير.. كنت اعيش وضعا مشابها لما نعيشه اليوم من بقايا تلك الايام وارفض تماما الحديث عن الرياضة وكرة القدم التي نعشقها تحديدا.. صحيح انني غبت عن الكتابة في الرياضة منذ اكثر من عام الا لماما، الا ان مؤشرات الراهن السوداني قياسا بما كنا نعيشه في السابق، وما انتهى اليه القطار، يؤكد بأن ازمتنا السياسية والاجتماعية سوف تطول.. ! في الثاني من مايو من العام 2019 كنت اكتب الاتي: (سألني مقدم البرنامج في واحدة من اذاعات الـfm عن الراهن الرياضي.. وتجميد النشاط.. واشياء اخرى.. !! بدأت اجاباتي بناقل الحركة رقم ’’4’’.. وكدت اقول له: ’’يا عزيزي ما عاد في العمر شيئا نشتهيه’’.. الحديث عن الرياضة هذه الايام.. يدخل في باب ’’الترف’’ ان لم يدخل مباشرة من باب المحرمات.. فلا المزاج العام.. ولا المناخ العام مناسبان هذه الايام لممارسة أي نشاط انساني او بشري اًعد خصيصاً للترفيه والترويح عن النفس والموانسة.. نحن في بلد عليل بشمولية غريبة ومدهشة وما من خارطة طريق واضحة ابعد من تفسير الماء بالماء بعد الجهد الجهيد.. من حق شعبنا الصابر المكافح ان يجد المعادل المنطقي والموضوعي الذي يعوض سنوات هذا الصبر الطويل بالعيش الكريم والاستقرار والتنمية والرفاهية التي لم نعرف لها طريقا منذ الاستقلال.. ولكن هذا لن يتحقق لنا في ظل هذه ’’الملاواة’’ ما لم نتواضع تواضعاً يتماشى مع واقعنا.. نحن الشعب الوحيد الذي لا يعرف ثقافة ’’حماية الحيز’’ والاقدر على الانصات لما يجري عند الجيران.. لذلك نحن اكثر شعوب الدنيا انشغالا واشتغالا بما يكتبه عنا الآخرون.. ماذا كتبوا عن ثورتنا.. وكيف قالوا اننا شعب ملهم ومعلم.. نستعرض الصحف الاجنبية ونطرب لذاك الغزل المجاني الذي يقدم الشعب السوداني في طليعة الشعوب المتحضرة المثقفة.. ولكن اذا افترضنا بان كل هذا صحيح ويعبر عنا.. فهلا سألنا انفسنا سؤالاً عن ملامسة ما يقال عنا هنا وهناك على ارض الواقع.. ؟!! للاسف الشديد ان كل ما يكتب عن الشخصية السودانية مجرد تخدير وغزل كذوب يزول مع اول مران ديموقراطي بين سودانيين اثنين سواء في السياسة او حول باقي اجرة مواصلات.. يزول الزعم الكذوب مع اول زيارة لمن يكتبون عنا للخرطوم الغارقة في الظلام والموبوءة بالاوساخ والحفر والمطبات وعدم النظام.. قد يقول لي قائل بأن التنمية مسئولية الدولة.. وان افظع الحكومات التي قبضت على الدولة بطبيعة الحال.. تتجسد في رحلة عذاب امتدت طوال 30 عاماً.. فأقول لقائلي ان حكومة العذاب مضت الى النسيان منذ الشهر الماضي.. فماذا فعلنا نحن بعد سقوطها ؟ لا شيء غير الهتاف والشعارات ونحن ونحن الشرف الصارخ.. !! ما يجري بين المجلس العسكري وقوى نداء الحرية والتغيير ’’لعب عيال صغار’’ لن يفضي الى معالجات حقيقية على الارض.. لان كل طرف يحسب نفسه الطرف الاقوى وهو الطرف الذي احدث التغيير.. مع ان ’’التغيير’’ ذات نفسه ربما تبرأ منهما غداً ليكشف لنا عن نفسه ويقول لنا كيف تغير.. وكيف تبدل.. وكيف احدث الزلزال المفاجئ الذي عرى الجميع وكشف لنا عن عدم جاهزيتهم لاحداث أي نقلة حقيقية تقود البلاد الى مشروع جديد يضعها في مصاف الدول التي نهضت من رماد شتات احتراقها.. ولكن… تجمع قوى اعلان الحرية والتغيير يسأل في منامه وصحوه: من الذي اعطى المجلس العسكري الانتقالي تفويضاً ويقول انه لا يمثل الجيش.. أي والله.. قالوا انه لا يمثل الجيش وهنا يبرز السؤال: وهل يمثل التجمع كل السودانيين.. ؟!! ضعوا الكرة على الارض وتواضعوا قبل ان يدرككم الطوفان الذي لا يستثني عسكريين ولا مهنيين ولا مواطنين عاديين.. تواضعوا يا ايها السودانيون.. وتحسسوا اماكن وقوفكم ثم اختاروا الاماكن المريحة للجلوس.. وليتكم تفيقون.)
انتهى ما كتبته في تلك الايام.. وهو بمثابة اعتذار لطيف لكل الاخوة الزملاء الذين حاولوا استنطاقي عبر منصات الاعلام الجديد.. للحديث عن راهن الهلال.. ودوري السوبر الذي اعلنه الاتحاد السوداني في تنزانيا.. فالدنيا حرب.. والملعب لم يعد اخضرا.. اعتذاري ليوسف السمندل واعتذاري لعمار اب راس.