اعمدة الرأي

يوسف عبدالمنان يكتب… حزب الأمة يضع رهانه على مليشيا الدعم السريع !!

هل خسر حزب فضل الله برمة أم ربح من دماء الخرطوم والجزيرة وكردفان ودارفور؟؟
الناظر ترك والمقعد الشاغر بمجلس السيادة والتعين بالقطاعي.

1️⃣
منذ أن أبرمت منظومة الدول الرباعية اتفاقها الشهير مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) بعد تهديده بالمحكمة الجنائية، وملاحقته بجريمة فض الاعتصام الشهيرة، وتخييره بين مصير يشبه مصير البشير في سجنه وما بين قيادة السودان، والقيام بالدور الذي رُسم له للإستيلاء على السلطة، بعد فض تحالفه مع الجيش، والاعتذاز علناً عن انقلاب 25 أكتوبر، والتوقيع على وثيقة دستور نقابة المحامين المستورد، ومولوده الإيطاري، ومنذ ذلك المخاض الذي اختمر في السفارة السعودية، واتضج عند المبعوث فوكلر، حينذٍ اختار حزب الأمة الوقوف مع الدعم السريع، ووضع رهانه عليه، وامتطي صهوته للتغيير !! وذلك لسبيين الأول يرتبط بالتحولات العميقة داخل حزب الأمة المتحور من حزب وسطي طائفي، يستخدم الشعارات الدينية لتحقيق مآربه السياسية، دون التزام حقيقي بتلك الشعارات والتوجهات، دون إلتزام بالعهود السياسية كما حدث في انتفاضة رجب شعبان منتصف ثمانينات القرن الماضي. وبعد سقوط مايو طرح الإمام الراحل برنامج الصحوة الإسلامية، ونال على أثره مائة وواحد مقعداً في الجمعية التأسيسية. ثم لما سقطت تجربته التعددية بفشل حكومته، جاءت الإنقاذ، فتحول الحزب الي كيان علماني يطرح مايعرف بالدولة المدنية، التي ترفع اجتهاد البشر فوق النصوص القرآنية قطعية الدلالة!! ونبت داخل حزب الأمة تيارٌ يسمى الأبناء بإمهاتهم، فشهدنا داخل حزب الأمة من يسمى نفسه بابن زينب وود إشراقة امعانا في مخالفة النص المقدس: (ادعوهم لآبائهم) وركب الحزب قطار الدولة العربية التي آلت على نفسها قيادة التغيير في العالم الإسلامي لصالح مايسمى بالديانة الإبراهيمية، التي تضع الإسلام والمسيحية واليهودية في كفة واحدة !! وهو مشروع تتولى الإمارات والسعودية الجديدة وزره وما تمخض عنه من تغيير في مناهج التربية والتعليم.
والسبب الثاني الذي جعل حزب الأمة يركب قطار الدعم السريع هو مشروع ال دقلو داخل منظومة الدعم السريع، وهو مشروع دولة العطاوة الذي يؤسس لسلطنة قوامها أبناء عشيرة لجد عربي من غرب السودان، يعرف بعطية وهو الجد الأكبر لقبائل البقارة المسيرية والرزيقات والحوازمة، ويعتبر فضل الله برمة العطوي من دعاة هذا المشروع الذي كان يحلم به ال دقلو ليجعلهم مثل ال سعود في المملكة ومثل ال زايد في الإمارات وال قابوس في سلطنة عمان، ولما كانت السلطة والمال قد اعمت ال دقلو من رؤية الأشياء على حقيقتها، فأضلهم السامري، وأعمي بصيرتهم المال والدم، ومضوا في مشروع داخل مشروع آخر اي مشروع التغيير الكبير ومن داخله مشروع دولة العطاوة التي رأي فيها فضل الله برمة كل أحلامه التي راودته منذ الصغر وجعلته حينما كان وزيراً للدولة بالدفاع يمنح عشيرته الاقربين السلاح الفتاك لقتل النوبة وهم في نظره يشكلون خطرا على مشروعه الخاص الذي تبلور في حضن الدعم السريع إلى مايشبه الحقيقة.
وقد خصص حميدتي لأهله العطاوة داراً في قلب الخرطوم كانت في زمانٍ مضى دار المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي، الذي كان الترابي يحلم فيه بتغيير كبير في العالم الإسلامي. ومن المفارقات أن تلك الدار التي كان يطوف بعرصاتها من القوميين العرب نايف حواتمة، وجورج حبش، وصبري البنا، وعبدالله الأحمر، وراشد الغنوشي، وعلى بلحاج، وأحمد يس، وحسن الترابي، ومحمد علي جاويش، أصبح يتسكع في غرفها مختار بابو نمر، وجمعه دقلو و حسب الله دقاش ومحمد مختار وطبيق وأحمد وادي وآخرون من دونهم، تحسبهم جماعة وقلوبهم شتى.
2️⃣
اتخذ فضل برمة من قوة الدعم السريع وعتاده، ونكوص قائده عن القسم الذي أداه أمام البشير، واستعداده للانقلاب على الجيش ، اتخذ برمه من ذلك رؤيةً فطيرةً، أفضت به الي تقديراتٍ خاطئةٍ، فظن أن الممعوط يمكن أن يطير في الفضاء. واكتنف الغموض حزب الأمة بعد رحيل الإمام الذي دُفنت وصيته في أوراق الأميرة مريم المنصورة، فحيل بين الأمير عبدالرحمن وقيادة ركب الحزب العريق، وما جري اتساقاً مع خط الممول والكفيل الذي جعل من غياب الإمام وإخفاء الوصية أن تم اختيار خليفة للحزب بالتكليف، فجاء الموقع الخطير من نصيب رجل ضلولٍ بلا كرزيما، ووجد فضل الله برمة سنداً كبيراً من حميدتي وشقيقه عبدالرحيم بإعتباره سنداً لدولة العطاوة المرتجاه. ومع نشوب الحرب وتصاعد القتال وضع حزب الامة كل ثقله الشعبي في سلة الدعم السريع، وبدأ التنسيق العلني بين الحزب والملشيا، التي جعلت من كوادر الحزب طابور خامس ومخبرين
وقواديين، يدلون اللصوص والقتلة علي منازل ضباط الجيش والأمن وقيادات المؤتمر الوطني والاتحادي الديمقراطي. وما كسب الحزب الا هؤلاء القتلة واللصوص والكسابه والهمباته. واصبح بعضهم يجاهر بانتمائهم للدعم السريع، مثل ناظر الحسانية بالنيل الأبيض، ولنتذكر أن هذا البيت الطائفي خرج منه قومٌ صالحون، أمثال الراحل ابراهيم هباني، والقياديه الصلبة قمر هباني، ولنا هباني، وتذكروا الناظر هباني الذي احتفظ بوصية الإمام الهادي حتى مؤتمر السقاي، والتي أسست لإمارة الصادق المهدي وامامته. ولقد ظهر جلياً للخاصة والعامة وفي كل ولايات الغرب الكردفاني والدارفوري أن قيادات حزب الأمة تحتضن المليشيا وتتماهي معها، وتركب ظهر الدعم السريع، وسط حواضن المسيرية، والرزيقات، والحوازمة، والهبانية، والتعايشة، فإن هذا الحزب قد خسر وجوده وسط القبائل الإفريقية، التي أيقنت أن قيادة برمة ناصر للحزب انحرفت عن قيادة الإمام الصادق المهدي، وأن قبائل مثل الزغاوة قد تمردت مبكراً على حزب الأمة، وانحازت قبائل الفور مع الحزب الاتحادي الديمقراطي. والان خسر الحزب أيضا قبيلة البرتي، ولم يعد لحزب الأمة وجود في أغلب مناطق دارفور وكردفان. وفي أحدث انشقاق تعرض له حزب الأمة خرجت قيادات مثل إسماعيل كتر من الزغاوة، ومحمد عبدالله الدومة من المساليت، ودكتور مصطفى آدم من سنار، التي لن تغفر لحزب الأمة مافعله في الدندر، كما لن يغفر أهالي ودالنورة بالنيل الأبيض للمليشيا المتحالفة مع حزب الأمة غدرها ومجزرتها، وقد تلوثت عباءة الأنصار بدماء الأبرياء والمساكين، فماذا ينتظر حزب الأمة من أي تحول ديمقراطي في مقبل الايام إذا ماظل على تحالفه مع المليشيا التي تستخدم حزب الأمة لمشروعها الخاص، وليتوقف عقلاء الحزب ويتأملوا، هل ربح الحزب من تماهيه مع الدعم السريع ام خسر؟
3️⃣
أعلن الأسبوع الماضي عن تعين عبدالله يحي ا
أحد كبار قادة الحركات المسلحة التي تقاتل مع الجيش، بديلا عن الطاهر حجر الذي انضم مع آخرين الي جانب قوات الدعم السريع، وبهذا التعين استعاد إقليم دارفور كامل حصته في السلطة المنصوص عليها في اتفاقية جوبا، بعد تمرد الطاهر حجر بقية من بقايا حركة تحرير السودان القديمة، ومن قبل عين الرئيس البرهان مصطفي رصاص عضوا بالمجلس السيادي في المقعد الذي خلا بتمرد الهادي إدريس، ولكن ماذا ينتظر رئيس مجلس السيادة وهناك مقاعد شاغرة أحدهما للشمال بعد إعفاء برطم، وآخر للشرق، وثالث للوسط الذي ظل بلا تمثيل ليس في حكومة البرهان، بل في كل عهد الإنقاذ ظل الوسط مهمشا، ونعني بذلك الجزيرة وسنار وبحر ابيض، فهل ستصدر قرارات بانصاف التوم هجو الرجل المقاتل الشجاع؟ ومتى ينصف البرهان الناظر محمد الأمين ترك الذي ظل مقعده شاغراً في المجلس السيادي، وللسيد ترك نصيبٌ من نجاح انقلاب 25 أكتوبر، وحفر على جبال البحر الأحمر التي دفن فيها حمدوك وحكومته، بعد موتهم في ضمائر ووجدان الشعب السوداني. ومنذ اندلاع الحرب الحالية ظل ترك ممسكاً ببندقيته ومنافحاً عن الجيش ومشروعيته، بأكثر مما ينافح الجيش عن نفسه، فضلاً علي جهده في جمع صف أهل الشرق تحت راية وحدة الوطن. وظل وفياً ولم ينتظر مكافأةً من أحد. ولكن التدابير السليمة تلزم أن يتبوأ مثله مقعده في المجلس السيادي، ممثلا للهدندوة، وشعوب البجة المهمشين ممن لا تمثيل لهم في السلطة. والي متى تظل تعينات البرهان تصدر بالقطاعي ولم يتعلم سيادته تجارة الجملة، وسد الثغرات، وإكمال هياكل الحكم بما يدرأ وصفه السودان بسلطة الجيش. فلو أن سعادة الفريق البرهان استكمل أعضاء مجلس السيادة، وعين رئيساً لمجلس الوزراء بالأصالة لا بالوكالة، لما تجرأ أحدٌ ووصف الحكومة بحكومة الجيش. وقد تابع الجميع الأداء المميز للفريق مالك عقار خلال الفترة الماضية، ولو وجد المجلس عضواً بحماس ترك، ورغبته في العطاء، بسند الجماهيري الذي يحظى به، لتبدلت أشياء كثيرة، ولكن من يقنع البرهان بالسعي لتحقيق النجاح.
4️⃣
أهل السودان عند المحن يتداعون لنصرة بعضهم خاصة، أهل العطاء من أبناء هذا الشعب الجميل، فعندما تفشي خبر إجراء عملية جراحية بمستشفى النو، للهرم الغناني الكبير وأحد عمالقة الفن السوداني، الدكتور عبدالقادر سالم، هرع إليه أهل الفن والمزامير والشعراء من ملح الأرض وعطرها و بهائها، وجاءت المئات إلى المستشفى يدعون الله الشفاء لصوت انا كردفان، وودي سلمان، والجنزيرالتقيل، وآخر انشودته للجيش العظيم، وجاء الي الدكتور عبدالقادر في مشفاه عامة الناس وخاصتهم، وكان الفريق الإنسان شمس الدين كباشي اول من اتصل بأسرة الفنان الكبير واطمأن علي صحته ونقل لهم تحيات الفريق البرهان رئيس مجلس السيادة، واستعداد مجلس السيادة التكفل بعلاج الهرم الفني الكبير داخل السودان وخارجه وفاءً لعطاء الرجل وسيرته في التعليم والفن والأدب والثقافة، واسهامه في تشكيل وجدان الشعب السوداني. ولأن الوفاء شيمة هذا الشعب، فإن أسرة الفنان الكبير تلقت محادثة من رجال الأعمال الشاب سعد بابكر المدير العام لشركة تاركو للطيران، وأخبرهم بتكفل الشركة بتذكرة درجة رجل الأعمال للفنان عبدالقادر وتذكرتين ذهاباً وإياباً لمرافقيه، اسهاما في علاج هذا الهرم الفني والأستاذ الجامعي عبدالقادر سالم. وأكد الأستاذ حافظ محمد شاشا كبير مساعدي المدير العام لشركة تاركو لأسرة الفنان عبدالقادر أن الشركة على استعداد لتقديم اي خدمة، وان أسطول طائرات الشركة في خدمة الفن والأدب والثقافة. وإذا كان الفريق شمس الدين كباشي قد فرض عليه موقعه الرفيع في الدولة، وصلاة الدم والرحم والأرض، الوفاء لاستاذه في مدرسة الدلنج الأولية. فإن رجال شركة تاركو المستنيرين بالمعرفة والإنسانية، دعتهم شهامتهم وكرمهم الإسهام في إسناد أهل الفن والشعر والأدب، وهذا ديدنهم فقد كان لشركة تاركو الفضل في دفع نفقات طباعة كل أعمال الشاعر والأديب هاشم صديق، وهذا مالم تقم به وزارة الثقافة والإعلام، وليت كل الشركات ورجال الأعمال بسمو ورفعة ملاك تاركو،
إحساساً وتجاوباً ووطنيةً.
✒️ يوسف عبدالمنان.
السبت 10 أغسطس 2024م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى