مقالات

ياسر الصادق يكتب…ملتقى أركويت…فيقوا ليجمعنا الطريق

ياسر الصادق

من بين ثنايا ملتقى أركويت الذي ينعقد وآثار الدمار والهجرة والنزوح واللجوء، أضحت معالم بارزة وعلامة مميزة لدولة باهتة بين دول إفريقيا بأنها سباقة للتحرر والانعتاق إلى فضاءات الحرية، ورسم معالم المستقبل كما تهوى، لا كما يريد مستعمريها.
السودان بكل ثرواته ظل حلم بأنه سينهض دولة عظمى، لكن الواقع السياسي الماثل اليوم يكذب كل الأحلام والتمنيات ليصبح بامتياز دولة للتهريج السياسي، قادته وظفوا خلافتهم لحرق الوطن، وأعادوه إلى عصور تجاوزها التأريخ. ويؤكدون بأنهم أقل قامة من وطن بحجم قارة.
يأتي ملتقى أركويت ولا يزال الجرح نازفا، ليضع بذرة أمل لاحتمال أن ينهض السودان مجددا، ويلملم جراحاته ويعيد بناء النفوس أولا وبعدها بناء ما دمرته الحرب. وهذه معادلة في البناء يجب أن يتداعى لها أهل الشأن كلهم بمختلف انتماءاتهم (وحركاتهم) حتى لا نكون في دورة خبيثة من التكرار والهدم ويتغنى طرف…
متى يبلغ البنيان يوما تمامه. إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم
وقديما عندما أراد جورج واشنطن بناء الأمة الأمريكية بادر بإلغاء قانون العبودية، ذلك أن قضية البناء لأهميتها ينبغي أن يتشارك فيها الجميع وهذا سيصبح لاحقا مصدر قوة. وهنا يجب أن يصبح الفهم عند دعاة ملتقى أركويت أوسع وأشمل مما ينظر البعض، وما يجري الآن هو اللبنة الأولى لنداء أكبر للجميع دون تمييز أو إقصاء لأحد مهما كان توجهه أو ما يتبعه من أيدلوجيا.
السودانيون لم يتفقوا على شيء أبدا من بعد الاستقلال ولعل هذا يفسر حالة الضعف والتشظي للدولة السودانية، وتراجعها لحالة أشبه بالتفكك الذاتي، نتاج تكامل عوامل داخلية وتربص وأطماع خارجية لا تهدأ.
يظل ملتقى أركويت منقوصا إن لم يكتمل بإعادة النداء، وتوسيع المظلة الوطنية وهو فرصة تأريخية لفعل وطني جبار يحفظ للدولة السودانية ديمومتها وعافيتها من بعد أن نشبت الأطماع أظافرها عميقا في الجسد الوطني.
كثير من الدول المماثلة للحالة السودانية نهضت من بين ركامها، ودمارها أكثر قوة وأعظم شأنا.
التحدي اليوم لكل الشعب السوداني بمختلف قطاعاته، وأحزابه، ورموزه. ومفكروه وحركاته المسلحة، وحركات كفاحه، التحدي يقوم على وقف الانبهار بالخارج الذي ظل متربصا بالسودان منذ استقلاله، ومعوقا لمسيرته واستقراره الذي يتجلى اليوم في أكمل صورة، وفسقوا ليجمعنا الطريق.

Related Articles

Back to top button