معركة “الكرامة” تجمعهما من جديد … “الوطني” و”الشعبي”.. لقاء الحزبين في “خنادق” الجيش والوطن
خبير:الدوافع الكبرى أطاحت بالخلافات الصغرى وراء ظهر “المؤتمرين”
محلل سياسي :خطوة مهمة لوحدة الصف الوطني وقطع الطريق على التدخل الخارجي
خبير إعلامي :التحديات الراهنة مدخل للتعافي السياسي
تقرير :أشرف إبراهيم
على نحو مفاجئ شهدت مدينة بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة، اجتماعاً بين رئيس حزب المؤتمر الوطني المهندس إبراهيم محمود حامد، والدكتور أمين محمود الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، وقد شهدت العلاقة بين الحزبين اللذين كانا حزباً واحداً في وقت سابق، العديد من الخلافات والتباينات في المواقف السياسية،آخرها الموقف من الإتفاق الإطاري، بيد أن مياه كثيرة مرت من تحت الجسر وأعاد كلا الحزبين ترتيب الصف من الداخل، لتأتي تحديات معركة الكرامة الوطنية وتشكل مدخلاً للتلاقي من جديد، وقد شارك عدد كبير من منسوبي الحزبين في المعركة إلى جانب القوات المسلحة مبكراً، لقاء أمس الأول أعاد التنسيق السياسي بين الحزبين وفق مقتضى الراهن، وأكدا الوقوف مع الجيش في خنادق المعركة الوطنية.
رفض التدخل الخارجي والدعوة لوحدة الصف
وأكد الحزبان المؤتمر الوطني، والمؤتمر الشعبي، خلال اللقاء المشترك على دعم وإسناد القوات المسلحة في معركة الكرامة الوطنية.
وأشادا بالإنتصارات التي حققتها القوات المسلحة والقوات المساندة والمقاومة الشعبية.
وجددا الدعوة لكل فئات الشعب السوداني بمواصلة الدعم والإلتفاف حول القوات المسلحة في هذه المعركة الوجودية.
ورفض الحزبان التدخلات الخارجية في الشأن السوداني، وأمنا على ضرورة التصدي للمخططات الأجنبية بتماسك الجبهة الداخلية.
وبحث اللقاء عدداً من القضايا في الساحة السياسية، وتم التأكيد على وحدة السودان شعباً وأرضاً ورفض دعاوى التقسيم.
وأكدا العمل على المشترك من أجل وحدة الصف الوطني، والتوافق على مشروع وطني يتراضى عليه الجميع، من خلال الحوار السوداني- السوداني، الذي يفضي إلى الإتفاق على رؤية مستقبلية للعمل السياسي مابعد الحرب.
حائط صد
الخبير السياسي السفير السابق د. كرار التهامي أوضح في تعليقه ل(الكرامة) حول لقاء الحزبين، أن صمود الشعب و وحدته هي حائط الصد المنيع في وجه الغزو وهو رد الفعل القوي على تكالب الأمم على شعب صامد يقاتل وحده،
وأضاف إن تجارب التاريخ والصراعات السياسية أثبتت بأن الأمة القابضة على حقوقها وسيادتها تنتصر.
وأشار التهامي إلى أنه لا ينتصر السلاح ولا القوى المادية، والذي ينتصر إرادة الشعب مجتمعة،
ذلك هو التفسير المنطقي لقدرة المجتمع السوداني والدولة السودانية على مواجهة أكبر مؤامرة في تاريخه.
تجاوز الخلافات الصغرى
ويمضي التهامي بالقول ،لقد حدت الدوافع الكبرى بالقوى السياسية الفاعلة أن تلتقي تاركة وراء ظهرها الخلافات الصغرى بعيداً عن المشهد والتحالف والتقاطع في المباديء الكبرى وأهمها العقيدة والوطن ،
هذا ما يجسده لقاء المؤتمرين وسيدفع هذا اللقاء الكثير من الفصائل المختلفة والمنقسمة إلى إعادة اللحمة فيما بينها، لأن القضية الان قضية وجود وليست قضية تقاسم “دست” الحكم.
خطوة مهمة
ويقول المحلل السياسي د. محمد خليفة صديق في حديثه ل(الكرامة)، أعتقد هذه خطوة مهمة يجب أن ينظر إليها بأهمية بعيداً عن الخلفيات الفكرية والايدلوجية ،لأن الشعب السوداني كله توحد الآن خلف القوات المسلحة لإنهاء ماتقوم به مليشيا الدعم السريع من قتل وسلب ونهب وكافة الجرائم التي طالت المواطنين وتدمير البنية التحتية ، وتدمير التراث والذاكرة الوطنية السودانية ومحاولة مسح السودان من الخارطة شعباً وتاريخ وإحلال اخرين فيما يعرف بالتغيير الديمغرافي.
ويضيف خليفة هذا مخطط خطير الجميع يعلم أبعاده، ولذلك القوى السياسية الوطنية الواعية كلها مطالبة بأن تتخذ مثل هذا الموقف وأن تقف في وجه أي تدخلات خارجية ضارة بالشأن السودانـي،وقال موقف المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي هو موقف وطني بإمتياز ولايمكن المزايدة عليه بغض النظر عن أي رؤية مختلفة تجاه الحزبين اللذان يمثلان التيار الإسلامي العريض بالبلاد إلى جانب أحزاب أخرى.
ويضيف خليفة أعتقد هذا اللقاء وماتمخض عنه من مخرجات حسب التصريحات يمكن أن يمثل بداية لتلاقي وطني بين كل الكتل السياسية التي ترى أهمية اسناد الجيش وتقدير مايقوم به للدفاع عن السودان ووحدته وشعبه وأرضه.
ويرى خليفة أن العمل على وحدة الصف الوطني وفق حوار متراضى عليه أمر مطلوب ومحمود، ورغم الأصوات التي تتحدث عن الإقصاء والخلافات السياسية هنا وهناك ينبغي التأكيد على أنه لاصوت يعلو فوق صوت الوقوف خلف القوات المسلحة ،والدعوة إلى مشروع وطني يخلص البلاد من هذا المأزق الكبير وقطع الطريق أمام التدخلات الأجنبية وأن تعمل كل القوى السياسية من أجل هذه الغاية.
واقع جديد
ويقول الخبير الإعلامي رئيس تحرير صحيفة الإنتباهة بخاري بشير في حديثه ل(الكرامة ) أن لقاء حزبي المؤتمر الوطني، والمؤتمر الشعبي بعد طول غيبة له مسببات كثيرة، وكذلك له آثار مهمة على الساحة السياسية.
وأضاف بخاري اختلف الراحل الشيخ الترابي، مع قيادة الدولة ممثلة في الرئيس البشير بعد عشرة سنوات من حكم الانقاذ، وهو ما أُطلق عليه وقتها “العشرية الاولى”، ومنذ ذلك التاريخ وطيلة حكم البشير أصبح بين الحزبين عداء كبيراً، ودخلت بسببه قيادات المؤتمر الشعبي للسجون،ويستدرك بخارب بالقول لكن بعد تغيير نظام البشير في الحادي عشر من أبريل 2019م، جرت مياه كثيرة تحت الجسر، وآلت الامور الى مجموعة اليسار الذي شكل عماد تحالف الحرية والتغيير، وخلال ثلاثة سنوات صوبت الحرية والتغيير عداء محكماً للإسلاميين بكل تصنيفاتهم بما فيها الوطني والشعبي، وأدخلتهم السجون، ويضيف هذا الواقع الجديد فرض على جموع الإسلاميين التدبر، والتفكر من جديد لمواجهة العدو اللدود الذي بات يتشكل ضدهم .
تحديات
ويرى بخاري أنه بعد الخامس عشر من أبريل وتفجر الحرب في السودان، برز تحدي جديد، يصنف الإسلاميين أنهم العدو الأول الذي يجب ابادته، وتم إستخدام الدعم السريع كأداة لتنفيذ هذا الأمر لصالح جهات ومحاور إقليمية على رأسها دولة الأمارات ، التي ترى في الإسلاميين العدو الأساسي الذي يجب محوه من الوجود.
ويضيف هذه التشكلات الاخيرة في الساحة والتصنيفات الحادة دفعت بعقلاء الإسلاميين للتوحد في وجه عدو مشترك، ماثل أمامهم وليس متخيل..
وقال أتوقع بعد توحد خطاب الحزبين تجاه معركة الكرامة ، وهما يخوضان الآن الحرب ضد الدعم السريع، أن الهدف العمل على توحيد الرؤية والعمل المشترك ،لذلك متوقع اتحاد أكبر مستقبلاً ربما قاد لتوحيد الأفكار والأهداف والتحالف بشكل أوثق .
ويضيف بخاري أنه ما لا شك فيه أن الإسلاميين متحدين سيكونون أقوى من حالة الفرقة والشتات، وربما تكون هذه هي ملامح بداية التعافي للجسد الإسلامي والقوى الوطنية السودانية.