اعمدة الرأي

فضل الله رابح يكتب … (بابنوسة) و (أبيي)… التفاصيل بنفس بسالة الأولى وأهمية الثانية…!!

فضل الله رابح

محاولة الاقتراب من الإجابة علي السؤال : لماذا لم تسقط بابنوسة بذات سرعة سقوط نيالا…؟؟… لا شك في أن أول ارتباك لمليشيا الدعم السريع بعد فشل مشروع انقلاب ١٥ أبريل ٢٠٢٣م هو المواجهة الشرسة للقوات المسلحة وقوات الاحتياط بالفرقة (٢٢) بابنوسة ، وذلك مرده أن المسيرية أصبحوا علي بينة من أمرهم حين أدركوا بأن الحرب التي دخلوها لجلب المنفعة تحولت عليهم مضرة .. وأخيرا أدركت الإدارة الأهلية للمسيرية الزرق برئاسة الصادق الحريكة عز الدين أن عبد الرحيم دقلو والمرتزقة من دول الجوار قد نصبوا لهم فخ مؤامرة لإبادة القوة الصلبة والركيزة الأساسية من شبابهم بدعوى نصرة العطاوة والاستيلاء على الحكم في السودان ، وبأي ثمن وتحت هذه الشعارات ارتكبوا كل تلك الانتهاكات والموبقات وتحللوا من الالتزامات الاجتماعية المتجذرة وسط الشعب السوداني .. أخيرا اكتشف المسيرية الزرق أنهم أدخلوا كل مكون المسيرية في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل ، وزعزعوا أمن السودان وأضاعوا استقرار مناطقهم ، وخسروا تاريخهم الوطني ونضالاتهم مع الشعب السوداني ومع قواته المسلحة الباسلة .. أخيرا اكتشف المسيرية أن الحرب التي انكوت بنارها حياة الملايين من أبناء الشعب السوداني قد أمسكت بثيابهم وكان من الأوقع تاريخيا أن يكونوا جزءا أصيلا من المقاومة الشعبية بدلا من كسر طوق الموروثات الاجتماعية السودانية السمحاء وإعادة إنتاج الجاهلية الأولى وذلها بالعزف على وتر القبلية البغيضة .. أخيرا اكتشفت زعامات قبيلة المسيرية أنهم أغفلوا تاريخا ناصعا وكسروا قوانين وقيودا مجتمعية صارمة وراسخة في التعايش والمناصرة حين عبأ (عبد الرحيم دقلو) قوات المليشيا وجهزهم بقيادة بن المسيرية الزرق حسين برشم لتذهب إلى مقاتلة القوات المسلحة وظنوا أن استلام الفرقة (٢٢) بابنوسة مهمة سهلة فتفاجئوا بمواجهة شرسة مع القوات المسلحة أشرف على تلك المعركة قائد اللواء (٨٩) بابنوسة ابن المسيرية الزرق العميد الركن حسن أحمد درموت الذي قاتل بشرف ورفض أن يدوس على شرف الكلية الحربية ويبيعه بلعاع الدنيا حماية للأهواء الشخصية وإتباعا للتبريرات المساقة في هذا الصدد أن تأسيس دولة العطاوة أولوية مقدمة على سيادة السودان الوطن .. وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلي أن معركة بابنوسة قد أعادت التوازن وبدأت الإنسحابات من أبناء المسيرية الزرق بعد أن أدركوا أنهم يواجهون بعضهم البعض فتدخلت الإدارات الأهلية المتلجلجة لإيقاف المدد من مكونات المسيرية الحمر بقيادة مختار بابو نمر .. إكتشفت بطون المسيرية الحمر بتقسيماتهم المختلفة في بابنوسة ، أولاد عمران بزعامة الأمير اسماعيل حامدين والفيارين واولاد كامل والمزاغنة والفضلية أنهم وقعوا في فخ الإبادة وإزاحتهم من وجه الأرض ، إكتشفوا ذلك بعد وصول الحرب وبقت ليهم في العزيزة (بابنوسة) وقبلها كان تخريب المليشيا وزعزعة مناطق البترول فأصبح المسيرية في موقع لا يحسدون عليه فإضطروا إلي تنظيم أنفسهم والعودة إلي القوات المسلحة وهي المحضن الذي يعرفونه ويعرفهم فشكلوا خلف قيادتها لدحر المتمردين من مناطق البترول والفرقة (٢٢) بابنوسة .. وإذا سقطت بابنوسة ستكون وصمة عار في جبين فرسان المسيرية الحمر وفضيحة أمام حرائرهم تلاحقهم إلي يوم يبعثون بأنهم قد تخلوا عن واجبهم المقدس في حماية أرضهم وعرضهم وأنشغلوا بالسلطة الزايلة وغنائمها .. إكتشف المسيرية أنهم تعرضوا لأكبر مؤامرة في تاريخهم بأن تم توظيفهم في الخراب الذي تعرض له السودان وأنهم كانوا ضحية مؤامرة دولية جعلت السودان مسرحا لصراع القوي الإقليمية والدولية، وفي النهاية تمت مقايطتهم مع دولة جنوب السودان وبيعهم بأبخس الأسعار حينما ألتقي زعيم التمرد (حميدتي) بقيادات أبناء دينكا نقوك بقيادة فرانسيس دينق ولوكا بيونق وألتزم أمامهم بتسليمهم منطقة أبيي تسليم مفتاح بعد نهاية الحرب .. قد تشابكت الخيوط وتفرعت لكن (أبيي) و (بابنوسة) هما القشة التي قصمت ظهر البعير .. فأخيرا إنتصرت محكمة الضمير وصغر ناظر الفلايتة عبد المنعم الشوين أمام زعماء وأعيان قبيلته بزعامة الأمير رمضان نور الصفا عندما حاول الشوين بيعهم إلي عبد الرحيم دقلو بدراهم معدودات فواجهوه بموقف صارم بأن هذا الموقف شخصي يخصه ولا يعنيهم وهم ليسوا معه بل مع القوات المسلحة وكان ذلك الموقف الشجاع الذي سيسجله التاريخ وأصبح من بعد بداية إرتفاع الأصوات التي إبتدرها الرجل الشجاع الشيخ احمد الصالح صلوحة ودفع الثمن غدر بإستشهاد إبنه وإصابة زوجته وبعض أفراد أسرته علي يد العصابة المجرمة، ثم توالت الأسئلة علي شاكلة : (من المستفيد من إبادة المسيرية باللعب علي وتر القبلية والجهوية)، ثم تصاعد الموقف الذي يعتبر بداية السأم من النفق المظلم الذي أدخلوا فيه .. نختم وبناءا علي ما تقدم أستطيع القول أن كثيرا من عقلاء المسيرية ونخبهم بدأوا ومن باب الاخلاق والذكاء السياسي التعامل مع مشروع تقطيع أوصال الوطن وهلاك قوته الصلبة بمحاولة الإجابة علي السؤال الذي طروحوه علي أنفسهم : ماذا نحن فاعلون ..؟؟ ماذا أعددنا لوقف هذه الجرائم حيث أنتهي وقت الشجب والإدانة ..؟؟… إن إستمرار الحرب ستعود علي كل المنطقة بالوبال والدمار وربما بصورة أبشع من الذي فعله أبناءهم بالسودان ، ألا يكفي ما تعانيه بلادنا من مشكلات وأزمات إقتصادية واجتماعية وسياسية من جراء هذه الحرب التي إستمرت لمدة عشرة شهور والتي ما نزال ندفع ثمنها حتي اليوم لجوءا ونزوحا وقتلا وفتكا وخرابا بالوطن ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى