ايمن كبوش يكتب … الجيش ليس فريق كرة قدم.. !
طالبته بأن يراجع قسم الولاء الخاص بالقوات المسلحة السودانية.. وهو ذات القسم التي تؤديه جميع القوات النظامية الاخرى، بما فيها طلاب الخدمة الوطنية، وقد جاء طلبي له هذا، لكي نؤسس سويا لحوار موضوعي ننزع عنه ثوب العاطفة، لان الجيش ليس فريقا لكرة القدم، نسانده عندما ينتصر، ونُحبط بسببه عندما يخسر او يتعادل.. الجيش مؤسسة وطنية راسخة، لسنا (مشحودين) على مساندتها في كل الاحوال دون ان نسقط عنا فضيلة المناصحة وابداء الرأي (المخالف).
اعود بك يا اخي الى قسم الولاء، والذي احمد الله انني وضعت يدي على المصحف مرتين في حياتي لكي اُشهد الله عليه: (اقسم بالله العظيم ان انذر حياتي لله والوطن وخدمة الشعب في صدق وامانة وان اكرس وقتي وطاقتي طوال مدة خدمتي لتنفيذ الواجبات الملقاة على عاتقي بموجب الدستور وقانون القوات المسلحة او اي قانون اخر او اي لوائح سارية المفعول وان انفذ اي امر مشروع يصدر الى من ضابطي الاعلى برا وبحرا او جوا وان ابذل قصارى جهدى لتنفيذه حتى لو ادى ذلك للتضحية بحياتي).
انتهى القسم الذي وددت بايراده هنا ان اذكر به بعض قصيري النظر الذين لا يعرفون المعنى الحرفي والحقيقي لما ظللنا نقوله مرارا وتكرارا بأن العمل في الجيش ليس (نزهة)، بل هو تضحية وفداء واسترخاص موثوق للروح والبدن بلا ادنى جدال واهم ما في هذه القسم هو خدمة الوطن والشعب.
اعود واقول ان العمل في هذه المهنة (الحريق) اختياري وعندما تأتي إليه انت تعلم انه يضعك في مواجهة مباشرة مع الموت كنتيجة راجحة وبنسبة متساوية مع العدو، هذه التضحيات منحت القوات المسلحة منذ تكوين الدولة السودانية الحق في الحكم سواء بطموحات جنرالاتها الكبار او تآمر القوى السياسية التي ترى ان المؤسسة العسكرية تحقق لها الكسب السريع بتحقيق حلمها وشهوتها في السلطة، وما بين المؤسسة العريقة والاحزاب التي تسمي نفسها احزاب مدنية وديمقراطية، هناك طرف ثالث هو الشعب الذي يستحق ان ينال لقب (شعب كل حكومة) لانه (مرة مع دول ومرة مع دول).. يهلل للآت والمنصرم ويكون احيانا كثيرة وقودا للمظاهرات والتخريب ويكون كذلك هو الخاسر الاكبر عند كل سباق.. لان لا احد من السادة الكبار، عساكر او مدنيين، يعبأ بسلطة الشعب او اهميته وسط هذا الصراع.
المؤسسة العسكرية تسبق الاحزاب بخطوات بعيدة باعتبارها اكثر تنظيما ولديها تقاليد راسخة عن الضبط والربط واحترام التراتيبية العسكرية.. علاوة على وجود السلاح في عصر القوة وبطش الدبابات، كذلك ظلت المؤسسة العسكرية صاحبة اليد الطولى في السلطة لانها تستمد قوميتها من الشعب السوداني بتوجهاته واتجاهاته المختلفة مع دغدغة حواسنا بتلك الشعارات المحبة للجندية وشرفها المركوز فينا بمأثورات شعبية راسخة على شاكلة: (لو فاتك الميري.. اتمرغ في ترابه) وها نحن جميعا نصطف خلف الكاكي الاخضر الذي نحبه بفطرتنا السليمة (تمرغا).. لذلك يجب ان نشكل له دروع قوية تساند وتدعم في هذا الظرف العصيب الذي ينبغي ان ندرك جميعا مهداداته الداخلية والخارجية على ان نبدأ برفع الروح المعنوية عند اي تراجع.. واسناد القيادة حيثما ومتى جاء الخذلان.. على ان نصدق حقيقة واحدة هي ان الجيش سوف ينتصر في النهاية رغم الكلفة العالية للحرب.