أردا غولر
استحوذ النجم التركي الشاب أردا غولر، على اهتمام وسائل الإعلام العالمية بعد صراعٍ شرسٍ بين قطبَي الكرة الإسبانية انتهى بالتوقيع لنادي ريال مدريد، صاحب الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بدوري أبطال أوروبا، على حساب غريمه التقليدي برشلونة.
وفي 6 يوليو/تموز 2023 أعلن كبير العاصمة الإسبانية تعاقده رسمياً مع غولر (18 عاماً)، في عقد طويل الأمد يمتدّ إلى 6 سنوات، وسط آمال تعقدها جماهير الفريق الملكي أن يشكِّل إضافةً إلى خط الهجوم، لا سيّما بعد رحيل الفرنسي المخضرم كريم بنزيمة هذا الصيف.
تحدٍّ وحماس
ورفع غولر راية التحدّي مبكراً عندما قال في مؤتمر تقديمه لاعباً ضمن القلعة البيضاء، إنّه يريد أن يكون “أسطورةً وجزءاً من تاريخ ريال مدريد”، مستبعداً فكرة مغادرة “الملكي” هذا الموسم على سبيل الإعارة.
وتلقى الدولي التركي الشاب دَفْعَةً معنوية كبيرة من مسعود أوزيل، نجم الكرة الألمانية السابق، إذ توقع الأخير الذي دافع عن ألوان ريال مدريد، أن يصبح غولر “نجماً عالمياً”.
وكان أوزيل وغولر قد تزاملا في صفوف نادي فنربهتشه التركي، وهو ما يعطي تصريحات الدولي الألماني المعتزل أهمية كبيرة، إذ كان شاهداً على طريقة لعب النجم التركي الشاب وقدرته العالية في المراوغة وصناعة اللعب وهزّ الشباك.
وفي مؤشرٍ على اهتمام جماهير ريال مدريد بالصفقة، تجاوز معدل التفاعل مع تغريدة النادي الإسباني التي نُشرت ترحيباً بالوافد الجديد ما حدث عندما أعلن باريس سان جيرمان الفرنسي تعاقده رسمياً مع النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي قبل عامين.
وقالت صحيفة “آس” الإسبانية، إن “صفقة غولر لم تكُن الأكثر نجاحاً لريال مدريد في السنوات الأخيرة، لكنها تُعد من أكثر الأخبار تفاعلاً على الحساب الرسمي للنادي؛ فقد اجتمعت حماسة الشعب التركي مع أنصار النادي للترحيب باللاعب ثم الإطاحة بميسي”.
وإلى جانب صفقة غولر، تعاقد ريال مدريد مع لاعب الوسط جود بيلينغهام قادماً من نادي بروسيا دورتموند الألماني، لكنّه لم يتمكن من مجاراة النجم التركي، فقد نشر الحساب الرسمي لريال مدريد صورةً له في أحد التدريبات حصدت 115 ألف إعجاب بعد نصف ساعة، فيما حصدت تغريدة أخرى في نفس اليوم لغولر 233 ألف إعجاب.
غولر في أرقام
وُلد غولر -الذي سيرتدي القميص رقم “24” مع كبير العاصمة الإسبانية- بالعاصمة التركية أنقرة في 25 فبراير/شباط 2005، ولعب ضمن صفوف نادي غنتشلر بيرليغي، قبل أن ينتقل إلى صفوف فنربهتشه في فبراير 2019، ثم وقَّع عقده الاحترافي الأول مطلع يناير/كانون الثاني 2021.
ولعب غولر الذي يُطلق عليه لقب “ميسي تركيا”، أولى مبارياته مع الفريق الأول لفنربهتشه أمام أنطاليا سبور في 22 أغسطس/آب 2021، إذ دخل حينها بديلاً في آخر دقائق اللقاء ونجح في صناعة أول أهدافِه ليقدّم أوراق اعتماده لجماهير “الكناري الصفراء”.
ونجح غولر في إمضاء أول أهدافِه مع فنربهتشه عندما هزّ شباك ألانيا سبور في 13 مارس/آذار 2022، فيما شارك مع الفريق في 20 مباراة بالدوري الممتاز في موسم 2022 – 2023، علاوةً على 5 مباريات في مسابقة الكأس التي تُوّج بلقبها الفريق، مسجلاً 8 أهداف في البطولتين المحليتَين.
وكان طريق صعود غولر إلى القمة سريعاً، فقد استُدعي لقائمة المنتخب التركي الأول لخوض المواجهتين الوديتين أمام أسكوتلندا والتشيك في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وارتدى قميص منتخب بلاده المعروف بـ”النجمة والهلال” في لقاء التشيك، حيث دخل بديلاً.
وشارك مع المنتخب الأول في 3 لقاءات ضمن التصفيات القارّية المؤهِّلة لنهائيات كأس أمم أوروبا 2024، ضدّ منتخبات كرواتيا ولاتفيا وويلز، حيث سجل هدفاً رائعاً في شباك الأخيرة في 20 يونيو/حزيران 2023.
استكشاف إمكانات
ويعتقد الإعلامي الرياضي وحيد رزق المصري أنّ أول مواسم غولر مع ريال مدريد سيكون بمثابة استكشاف لإمكانات اللاعب في ظروف مختلفة عن تلك التي عاشها مع فنربهتشه، وقدرتِه على التعامل والتكيف معها.
ويوضّح المصري في حديثه لـTRT عربي، أنّ “أكثر التحديات التي تواجه النجم التركي الشاب تكمن في أنه بات لاعباً في ريال مدريد”، مشيراً إلى أنّ “اللعب لنادٍ بهذا الحجم يحمل معه سقف توقعات كبيراً، لا يقتصر على نيل الألقاب بل أيضاً الفوز بها بطريقة جيدة”.
ويلفت إلى حجم الضغوط الملقاة على عاتق غولر، لا سيّما أنّه لا يزال شاباً وقدِم من بلدٍ مختلف في لغته وثقافته، علاوةً على أنّه سيوجد برفقة زملاء ومنافسين يمتلكون تجارب كروية مختلفة عنه.
وفيما يخص تسميته بـ”ميسي تركيا”، يشير المصري إلى أنّ مجرّد إطلاق هذا اللقب على أي لاعب “يحمل معه عوامل جذب عكسية؛ لأنّه يُقارَن بالنسخة الأصلية، التي لا تزال تلعب كرة القدم، وتُوّج صاحبها بكأس العالم أواخر 2022، وليس لاعباً اعتزل منذ سنوات”.
ويشدد المحلل الرياضي على أنّ اللاعب الشاب يحتاج إلى “صلابة ذهنية” حتى لا يتراجع مستواه فوق المستطيل الأخضر بعد بداية مميزة، مستدلّاً بأسماء عدّة عانت من هذه الضغوط.
وحول تأثير وجود المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي على مقاعد البدلاء، يقول إنّ الأخير لا يحبذ أن يكون نجم الإعلام في مدريد، بعكس آخرين مرّوا على ملعب سانتياغو برنابيو، متوقعاً أن يكون هذا الأمر في صالح أردا غولر، إذ لا يُعرف عن “كارليتو” انتقاد لاعبيه إعلامياً وجعلهم في مرمى انتقادات الجماهير ووسائل الإعلام، كما أنّه يخوض موسمه الأخير مع ريال مدريد، “لذلك سيكون أقل توتراً من مدرب يبحث عن تجديد عقده”.
مقومات نجاح
بدوره يقول الإعلامي الرياضي العُماني فاضل المزروعي، إنّ أنشيلوتي مدرب ناجح في التعامل مع المواهب الكروية، ويعطي أهمية للجوانب الإنسانية، مبيناً أنّ هذا يدفع النجوم الشباب إلى التألق والتطور وتعزيز الثقة بالنفس.
ويستدل المزروعي في حديثه مع TRT عربي، بتعامل أنشيلوتي مع الجناح البرازيلي الشاب فينيسيوس جونيور، وزميله لاعب الوسط الفرنسي إدواردو كامافينغا، حيث منحهما الثقة وأصبحا ورقتَين مهمتَين في تشكيلة ريال مدريد.
ويضيف أنّ أردا غولر “لن يختلف عن باقي المواهب التي تدربت تحت قيادة أنشيلوتي”، مشدداً على أنّ العامل الأساسي في نجاح اللاعب من عدمِه يكمن في “مدى استعداده فنياً ونفسياً وسرعة تأقلمه مع أسلوب التدريب”.
ويستبعد أن يشكل صراع ريال مدريد وبرشلونة في الميركاتو من أجل الظفر بخدماته، ضغطاً على أردا غولر لكونه في بداية مشواره الكروي الاحترافي، لافتاً إلى أنّ الأخير لاعب موهوب تعاقد معه ريال مدريد ضمن استراتيجيته لبناء فريق للمستقبل، حيث سيحظى بدقائق لعب في البداية وصولاً إلى إثبات وجوده وجدارته في تشكيلة “الملكي”.
وحول أبرز العقبات التي قد تواجه النجم التركي الشاب في إسبانيا، يوضّح المزروعي أنّ خط وسط ريال مدريد مدجّج بالنجوم، ويضم مجموعة من عناصر الخبرة والشباب، لكنّه استدرك بالقول: “أردا لن يواجه عقبات في حال تأقلم مع أسلوب التدريب وتخطى حاجز اللغة”.
ويعتقد المحلل الرياضي أنّ الدولي الشاب يمتلك عناصر النجاح في ريال مدريد لكونه لاعباً موهوباً ومهارياً للغاية و”هذا كفيل بنجاحه مع أي نادٍ”، مشيراً إلى أنّ اللعب مع الفريق الملكي وإثبات وجوده معه “قد يمثل أقصر الطرق إلى التألق وتسلّق سلم النجوميةhttps://yoa.st/34g?php_version=7.4&platform=wordpress&platform_version=6.2.2&software=premium&software_version=20.8&days_active=27&user_language=ar
الساعة 24 _ TRThttps://alsaa24.net/?p=1976&preview=true&_thumbnail_id=1978
