تقرير : ضياء الدين سليمان
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الثلاثاء، أن واشنطن دعت الجيش السوداني و الدعم السريع إلى محادثات لوقف إطلاق النار.
وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن إن الولايات المتحدة دعت الجيش السوداني و الدعم السريع للمشاركة في محادثات لوقف إطلاق النار بوساطة أميركية تبدأ في 14 أغسطس في سويسرا.
وأضاف في بيان أن المحادثات ستضم الاتحاد الإفريقي ومصر والإمارات والأمم المتحدة بصفة مراقب وكشف بلينكن أيضا أن السعودية ستشارك في استضافة المناقشات
وتتركز مفاوضات جنيف على مساري المساعدات الإنسانية ووقف إطلاق النار، مع توقعات بأن المحادثات ستكون مباشرة بين الجيش والدعم السريع برعاية أميركية سعودية إلى جانب الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وممثل من الهيئة الحكومية للتنمية الدولية “الإيقاد”. وليس تفاوضاً غير مباشر كما حدث في جنيف منتصف هذا الشهر.
تباين مواقف
تباينت الاراء في الأوساط السودانية ما بين مرحبة للمبادرة و أخرى غير مرحبة بالمبادرة الأميركية الجديدة لوقف إطلاق النار بهدف إنهاء الحرب فيما رأت أخرى في الخطوة امتداداً لمساعي الإدارة الأميركية المتواصلة، و أن نجاحها مرهون بالضغط الذي ستمارسه على الدعم السريع باعتباره الجهة تعتدي وتهاجم المقرات والمؤسسات
فيما أعلن قائد مليشيا الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، قبوله دعوة وزير الخارجية الأميركية، أنتوني بلينكن، بالمشاركة في المحادثات، فيما لم يصدر حتى الآن أي تعليق رسمي من طرف «القوات المسلحة السودانية» بشأن الدعوة والذي اكتفت بنفيها لبيان مزور باسمها يحمل موافقة على الدعوة التي تقدم بها بلينكن.
مشاورات
كشفت وزارة الخارجية عن تلقيها دعوة من الولايات المتحدة لأجل المشاركة في محادثات لوقف إطلاق النار تعقد في سويسرا منتصف أغسطس المقبل.
وقالت الخارجية السودانية “سنجري مشاورات حولها (المبادرة الأميركية) مع الجهات الأخرى للرد عليها من حيث الشكل والمضمون”.
وصرح وكيل وزارة الخارجية السودانية حسين الأمين، في مؤتمر صحفي بمدينة بورتسودان إن السودان “يواجه بمعركة دبلوماسية تحت إطار الشأن الإنساني، وندرك أن هنالك حملة شرسة تجاه بلادنا”.وقلل الأمين من اجتماعات الفاعلين الدوليين والإقليميين المنعقدة حالياً في جيبوتي لتنسيق جهود السلام في السودان، وقال إن الحكومة السودانية لم تتلقَّ دعوة للمشاركة في الاجتماعات، و”هي غير معنية بها”.
ووفق المبادرة الأميركية، ستقتصر المحادثات على بحث وقف إطلاق النار والعنف في جميع أنحاء البلاد، لتمكين وصول المساعدات الإنسانية، بجانب تطوير آلية مراقبة تحقق قوية لضمان تنفيذ أي اتفاق.
ولا تهدف المحادثات إلى معالجة القضايا السياسية الأوسع.
نقطة إيجابية
يرى مراقبون سياسيون أن النقطة الإيجابية في مفاوضات جنيف هي الإعلان الأميركي بأن المحادثات ستبدأ من البنود المتفق عليها بين الجيش والدعم السريع في منبر جدة، بما في ذلك اتفاق 11 مايو 2023 بين وفد الحكومة والمليشيا المتمردة في السودان، والذي ينص على إخلاء الدعم السريع للمرافق المدنية ومنازل المدنيين، والسماح بحركة التنقل ودخول الإغاثة، بما في ذلك القوافل التجارية، إلى جميع المناطق.
هذه النقطة قد تشجع الجيش على الانخراط في مفاوضات جنيف لطالما كان هذا بنداً اشترطته القوات المسلحة أكثر من مرة للذهاب إلى التفاوض و إن المسهلين الأميركيين والسعوديين ربما فطنوا إلى هذه النقطة لمنح بعض الحوافز للجيش للذهاب نحو التفاوض.
زيارة المبعوث الأمريكي
كشفت وسائل إعلام محلية عن زيارة مرتقبة مطلع أغسطس القادم للمبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، ومدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، سامانثا باور، للقاء قادة الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وتقديم دعوة مفاوضات جنيف رسمياً.
واستبق المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، زيارته إلى السودان بزيارة إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، شملت المملكة العربية السعودية، وناقش مع المسؤولين الدبلوماسيين في الرياض المعنيين بالشأن السوداني عملية المفاوضات في جنيف.
والتقى المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو نائب وزير الخارجية السعودي على هامش اجتماعات جيبوتي التي تتعلق بالأزمة في السودان (وكالة الأنباء السعودية)
تحفظات
وابدى الخبير العسكري العميد الدكتور جمال الشهيد تحفظات عديدة على دعوة الخارجية الأمريكية باعتبارها لم تحترم سيادة السودان والسلطة القائمة فيه لجهة مساواتها للجيش السوداني مع مليشيا متمردة وعطفاً على انه وبحسب العرف الدبلوماسي فأن الخارجية الأمريكية كان يجب عليها أن تقدم الدعوة لنظيرتها الخارجية السودانية وليس مخاطبة جيش داخل دولة وهو ما اعتبره انتقاص من قيمة السودان كدولة لها سيادة.
فيما اعتبر جمال أن الولايات المتحدة غير جادة في تحقيق السلام في السودان وان كانت جادة لمارست ضغوطاً على الدعم السريع للالتزام ما تم الاتفاق عليه في منبر جدة لاسيما وأنها كانت جزءاً اصيلاً من المفاوضات التي شهدتها جدة في الشهور الأولى للحرب بل ان الحزب الديمقراطي الحاكم يسعى لكسب مزيداً من النقاط ويبحث عن انتصار سياسي وهو مقبل على خوض العملية الانتخابية في أمريكا باعتبار انه ساهم في حل الأزمة في السودان.
وأشار الخبير العسكري الي أن دخول أطراف اقليمية أخرى حسب ما قالت الخارجية الأمريكية على غرار السعودية ، الإمارات، الاتحاد الإفريقي، الاتحاد الأوروبي سيعجل بفشل المفاوضات اذا ما نجحت المبادرة الأميركية في إعادة الجيش والمليشيا الي طاولة المفاوضات لان بعض الأطراف المعنية مثل الإمارات هي ساهمت بشكل كبير في تأجيج الصراع في السودان بدعمها للمليشيا المتمردة بالسلاح والمقاتلين.
واردف قائلاً أن فتح منبر جديد في جنيف يعتبر هروباً من التزام المليشيا بخروجها من منازل المواطنين والمؤسسات والاعيان المدنية كما ورد في مخرجات جدة التي اقرت ذلك وان مفاوضات جنيف في الأساس صممت لإنقاذ المليشيا من الانهيار ومحاولة لإعادتها للمشهد من جديد تحت غطاء سياسي وعسكري.
واختتم جمال حديثه بإن أمريكا لن تنجح في إحلال السلام في السودان بمثلما فشلت في مناطق أخرى ومن الصعوبة بمكان أن يقبل الدولة الذهاب المفاوضات في جنيف وهي تعلم أن أمريكا لديها اطماع في السودان وتسعى لاعادة تنسيقية تقدم للحكم مرة أخرى.
لا جدوى منها
ويرى الدكتور خالد الطريفي استاذ العلوم السياسية والإستراتيجية أن تعدد المنابر لايسهم في توفير حلولاً للازمة السودانية بل يزيد من تعقيداتها مما يعمل على إطالة أمد الحرب ولا جدوى من إقامتها.
وأشار الطريفي الي أن الحرب الدائرة في السودان لايمكن اختزالها في الجيش والدعم السريع فقط لأن المليشيا تشن حربها ضد المواطن السوداني وليس الجيش فمن الضرورة بمكان أن يتم إشراك ممثلين للنازحين والمتضررين وأصحاب المصلحة الحقيقية اذا أرادت الولايات المتحدة الأمريكية الوصول الي وقف لاطلاق النار.
ورغماً عن التحفظات العديدة التي ابداها من حيث الشكل والمضمون الا ان استاذ العلوم السياسية يرى أن تواجد السودان في منبر مفاوضات جنيف يعطي انطباعاً جيداً عن رغبة الدولة في الوصول لسلام ينهي معاناة السودانيين.