ما أصعب (صناعة الأمل) في أجواء الحرب التي تخيم على السودان، ومع تنامي وتيرة العنف وما يصاحبه من مآس ودمار، وما أحوجنا في هذا التوقيت لمن يمنحنا منتجاً قوامه التصالح مع المستقبل، ويشعرنا بأن القادم أحلى، وأن بلادنا مازالت تسع أحلامنا وتتسع لطموحاتنا وتطلعاتنا بأن تعود آمنة مستقرة مطمئنة، تجود على أهلها من خيرها العميم رغم انسداد الأفق وغياب مقومات التفاؤل.
وبالرغم من شح وقلة مدخلات الفرح المرتبط بالمشروعات التنموية الكبيرة، إلّا أن بورتسودان شهدت السبت الماضي، حدثاً عظيماً، تمثل في افتتاح مستودعات شركة المقرن للبترول بسعة 20 ألف طن متري، وقيمة تدشين هذا المشروع الحيوي لا تحسب في نظري بالآلة الحاسبة، على الرغم من أنّه ناجحٌ ومربحٌ واستراتيجي بالتأكيد، ولكنها تكمن في قيمته المعنوية التي تخبرنا بأن السودان مازال بخير، وأن رجل الأعمال الناجح السيد هشام حسن السوباط سيظل قادراً على إحداث الفرق دوماً، وهو يراهن على الاستثمار في الداخل رغم الظروف التي جعلت كثيرين يهربون بأموالهم وأنفسهم إلى خارج الحدود.
أضاف السوباط جرعة أمل مطلوبة وهو يشعل شمعته في قلب ظلام المعارك ودخانها، لينداح الضوء في بهرته الوطنية التي تتسع لاحتواء الحلم الكبير (عودة السودان) وعبر إصرار المُخلصين من رجال الأعمال الذين يتحدون كل الظروف لتظل بلدنا، فاعلة وموجودة وجديرةً بالحب والتقدير.
نعم يا له من مشروع رائد واستثمار حي يتوافق مع سياسة الدولة الرامية لتعزيز أهمية المخزون الاستراتيجي، وتوسيع مواعين استيعاب المواد البترولية، وتوطين الاستشعار بقيمة التصالح مع التخطيط والعلمية في التعامل مع المستودعات التي جاءت على أحدث التصاميم المُزوّدة بنظم التأمين العالية، كل هذا وجدناه واقعاً في مشروع السوباط، ولكن المغزى المهم الذي يشكر عليه هشام السوباط هو رهانه المستمر على الاستثمار في البلد، وإصراره على تثبيت أركان الدولة السودانية وسط ما ينتاشها من عواصف وظروف، وتأكيده المستمر على وطنيته ورؤيته الجسورة بأهمية الصبر على السودان وتنميته، وإعادته إلى سيرته الأولى.
ما أعظم المشروع الذي احتضنته أرض (كلانيب) في بورتسودان باحتفاء شديد، اللافت أن أهل المنطقة كانوا أصحاب المناسبة وهم يستقبلون ضيوف السوباط ويعلنون أنهم جزءٌ من المشروع، هذه الغاية تدركها المؤسسات بعد سنوات طويلة من التعاطي والتعايش والمواجهة في أحايين كثيرة، ولكن السوباط بدأ بها لينجح من البداية في توفير حاضنة اجتماعية ترعى استثماراته وتجعلها جزءاً من اهتمام المواطن هناك، في أبهى صور التناغم والانسجام بين الاستثمار والمكون المحلي بالمنطقة.
ولطالما ظلّت علاقة التشاكس بين المستثمرين والأهالي لتفشل المشروعات الكبيرة، غير أنّ ما رأيناه من احتفاء في (كلانيب) عبر عنه العمدة عمر هيكل في كلمة واعية طمأنتنا على العلاقة بين استثمار السوباط وأهالي المنطقة أمر يستحق الإشادة والثناء.
قبل عقد من الزمان، أغلق مواطنو (كلانيب)، الطريق القومي، احتجاجاً على إنشاء مستودعات غاز تابعة لوزارة الطاقة، ونفّذوا اعتصاماً بعد ذلك انتصروا فيه لإرادتهم، غير أنّهم في هذه المرة يفسحون الطريق ويفتحون قلوبهم لمستودعات السوباط، وهذه إشارةٌ مهمةٌ تستحق التهنئة والتوثيق.
ما ينبغي أن يُسجّل كذلك بماء الذهب على دفاتر الأداء الاقتصادي في السودان، إشادة وزير الطاقة والنفط دكتور محيي الدين النعيم بالدور الذي تضطلع به شركة المقرن للبترول في مجال المسؤولية المجتمعية وسط سكان منطقة المستودعات، ومناداته بقية الشركات العاملة للاهتمام بتطوير المجتمعات المحلية لتحقيق النهضة الشاملة، وقوله إنّ (المقرن) شركة ناجحة ومنضبطة وملتزمة بسياسة الدولة.
الإشراقة الجديرة بالتوثيق هي إشادة راعي الحفل السيد مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة بشركة المقرن للبترول وإسهامها المقدر في التنمية وتعزيز قدرات الاقتصاد الوطني، وهذه شهادة مهمة في هذا التوقيت الذي تنهض فيه الكثير من الاتهامات والشُّبهات المحيطة بالنشاط المدمر والمشبوه لكثير من الشركات ورجال الأعمال.
لا أعتقد أنّ المتحدثين الكبار في الحفل قد تركوا مجالاً للاجتهاد بشأن حُسن صنيع شركة المقرن وربانها السيد هشام السوباط، ومديرها العام الدكتورة فاطمة محمد صالح وشبابها المتميزين، الذىن كانوا حضوراً بهيجاً بأعمارهم الصغيرة التي تبرم تحالفاً مع المستقبل، ولذلك تبدو الشركة مُتوهِّجة وناجحة بدفق الدماء الحارة التي ضخّتها في شرايين أدائها المحترم، فهنيئاً لشبابها بكل هذا النجاح.
أمس الأول، عدت من بورتسودان يملؤني الفخر والأمل بأنّ السودان سيظل بخير طالما به رجال أعمال من طراز هشام السوباط يتقنون صناعة الأمل، ويراهنون على أن الوطن عَـائِـدٌ لا محالةَ.
شكراً هشام حسن السوباط.