علم الدين عمر يكتب … هل القاهرة آخر محطات القطار السوداني؟
.. و مثل شملة كنيزة هي ثلاثية و ( قدها) رباعي وضعت الأزمة السودانية عصا الترحال بقاهرة المعز لدين الله ..وكما ذكرت في مقال الأمس كواحدة من أهم محطات القطار السوداني ولكنها ليست المحطة الأخيرة ..قلت أن مخرجات المؤتمر معلومة لكل مراقب بيد أن المحك في مداولاته وما خاب ظني ..فقد وثقت الكاميرات تعابير الوجوه وألتقاء النظرات وزوايا الإختلاس السري الجهير للمواقف والبسمات واللفتات ..قامت القاهرة بما هو مطلوب منها في تهيئة الملعب لجولة قادمة أو جولات تنتهي بلا شك علي *ساحل الأحمر في جدة ..وجدة غير ..مصر تعلم أنها *تستضيف* فرقاء متشاكسون علي الحد الأدني إلا أن ثمة مشتركات تجمعهم فالتنسيقيات المختلفة التي أجتمعت اليوم لم تجلس لبعضها لأول مرة فقد تحاورت من قبل وبعضهم كانوا شركاء في السلطة أو علي تخومها من قبل ..قام مؤتمر القاهرة وبطريقة ما تظاهرت أمنيات الساحة السودانية وأحتجت علي واقعها البئيس ..قالت لهم مصر علي لسان وزير خارجيتها ( الجديد) أن الحل يجب أن يكون سودانياً ويجب أن يحافظ علي مؤسسة الدولة السودانية ويكمل الطريق نحو الحل ..وكل الطرق تؤدي لجدة ..تماشي البيان الختامي مع رؤية مصر وذكر جدة ..وأحرزت القوي المتماهية مع خط القوات المسلحة (الشعب السوداني) هدفاً في مرمي الذين حضروا بيدلاتهم الأنيقة ليستبعدوا مطالبة الدولة بإمضاء ما تم الإتفاق عليه من قبل في جدة وعلي رأسه خروج المتمردين من بيوت المواطنين والأعيان المدنية ..ورب هدف تحرزه وأنت خارج الملعب …
إذن ما هو المطلوب الآن بعد أن رفعت الأقلام وجفت الصحف بالقاهرة التي نصبت هذه المائدة بذكاء مبهر ..
أولاً..علي القوي السياسية والمدنية التي أجتمعت في هذا المؤتمر أن تعود لقواعدها وتحكم برامجها وتسرح أحلامها في حكم السودان خلال فترة الإنتقال .
ثانياً.. علي المتعاملين مع الملف السوداني من منظمات الإقليم والعالم ودوله وأصدقاء السودان أن يتعاملوا مع حقيقة أن الشعب السوداني دفع فاتورة باهظة وغالية تلزمهم بإحترام خياراته في بناء دولته علي أسس جديدة وواضحة تقوم منها القوات المسلحة مقام القلب .
ثالثاً..دولتان لا ثالثة لهما في تقديري هما من يسعيان بذمة السودانيين لسابق يد وماضي عطاء ..ومحبة لا يشوبها شك ولا يدانيها خذلان جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية..قامت الثانية برعاية منبر جدة منذ بداية تمرد المليشيا وتقاطعت علي طاولاتها الكثير من الحادثات ولكنها ظلت صامدة صامتة تبذل محبتها للسودان وشعبه ..بينما آوت الأولي من لجأ إليها من أهل السودان كمواطنين مصريين بكافة التفاصيل وأستقبلتهم كما تستقبل مواطنيها وأهلها ولم تقم لهم معسكرات لجؤ ولا منت عليهم..وظل موقفها راسخ كما التاريخ..ولا شك عندي أن مصر والسعودية هما من سيضعان النقطة الأخيرة في سطر القضية السودانية حيث تقود محطة القاهرة لمنبر جدة.
رابعاً..القوي التي لم تدع لهذا المؤتمر عليها أن تترفع عن صغائر الأمور وتبحث عن المشتركات فيما طرح علي طاولاته وتسعي للجلوس مع الآخرين في حوار سوداني سوداني جديد فقد أنطلقت شرارة الطرح الوطني وعلينا أن نسعي إليها نأتي منها بقبس ولا مجال لشخصنة القضايا ومحاولة تأزيم الأزمة بال(حرد) والبحث عن نقاط الخلاف ..علي هذه القوي أن تحترم رؤية المضيف في إختيار المتحاورين في هذه المرحلة والسعي لتقريب وجهات النظر للمرحلة المقبلة فالقاهرة لم تغلق أبوابها بعد ولا أظنها تفعل .
خامساً..علي مركزية تقدم بعد هذا المؤتمر أن تتحسس قواعدها وتعيد أحزابها وتياراتها لعناصرها الأولية لتتمكن من صياغة برامجها السياسية وتفقد عضويتها وجماهيرها فما من سبيل لإعادة عقارب الزمن للوراء علي أي رافعة خارجية فالشعب السوداني لن يخسر سوي الأغلال عقب هذه الحرب ليتم إبتزازه بالشعارات البالية القديمة ولا نزيد.
مؤتمر القاهرة كفعل مستمر لما هو قبله له ما بعده دون شك ويكفي أن تثبت الطاولات أنها قادرة علي الفعل في أي وقت تتوفر له الإرادة.
نعود