..وفي قلب معركة الكرامة لا مكان للإستدراك والإستهبال والإستغفال الذي يمارسه المرجفون في المدينة بترديدهم الأجوف لمخاوف إنتقال القتال إلي مربع القتل ..وكأنهم لا يعلمون أن الذي فقد الأمن والمأوي وتصالح مع الموت لن يقبل في حربه الدنية ..المعركة الآن لا تقبل أنصاف الحلول ولا مكان في منصاتها لخطوط الرجعة بغير النصر ..لم يتوقع السودانيون أن ينثر عليهم العدو الأزاهير والورود بدل المسيرات والقنابل فنحن الآن في قلب المعركة وعلي بعد أمنيات من النصر العزيز بالحسم العسكري أو علي حواف الطاولات ..لم تكن مسيرة جبيت الأولي ولن تكون الأخيرة حتي تقوم الدنيا ولا تقعد علي هوامشها ..فقائد الجيش يتحرك وسط جنوده كقائد ميداني ولأن الوقت للحسم والقرار للميدان فقد سقطت إحترازات السلامة الشخصية لرئيس المجلس السيادي وألتقي الجند علي أختلاف الرتب مع الشعب علي تباين الإتجاهات والمشارب لأمر قد قدر ولم يعد هناك ما يخيف ..إنها الحرب ..وإنه رئيس مجلس الحرب وقائد جيش الحرب ورئيس الشعب المحارب وقد كانت رمزية تخريج ضباط جدد من مصنع الرجال وعرين الأبطال مناسبة تستحق الإحتفاء ..والعناء ..وتوجب التوقع لما حدث ..من بين فرث ودم ومثل طائر الفينيق نهضت الكلية الحربية السودانية من بين ركام الحرب وأضافت اليوم لنجوم السما نجوماً..مضي هناك علي وقع أقدامهم الوئيدة شهداء ..خابت المسيرة التي سقطت بينهم عجلي ..مترددة كالأصابع التي أطلقتها مستهدفة ثلاثة دفعات حربية من كل السودان بسحناتهم السمراء وهاماتهم العالية الرشيقة لا تميز بينهم إبن الشمال من إبن الغرب من إبن الساحل من فتي الأدغال ..رفعوا تمام تخريجهم للقائد وأقسموا علي حماية السودان مجازفة بأرواحهم براً وجواً وبحراً..وأستقبلوا عهدهم بستر شهدائهم وأنطلقوا إلي مواقعهم غير الإدارية كأول دفعة تتجه من ميدان التدريب لميدان المعركة إذ للحرب كذلك كراماتها..
مسيرة جبيت ستكتب في سفر التاريخ الحديث كواحدة من محفزات النصر القادم لأن ما أعقبها من ساعات كان حاسماً..قوياً..ومباشراً في تحديد مسار الناس والأحداث..أكمل القائد طابوره المرسوم وخاطب ضباطه الجدد وجدد العزم علي القتال حتي النصر ..ووضع ميسم التحدي علي زهرة التوقع و(زنق) منبر جنيف بين إرادة الشعب وإدارة المعركة ..
مسيرة جبيت لابد أن تكون قد كشفت مواقع الخلل في وعينا بالحرب المفتوحة التي نخوضها الآن علي كافة المحاور وعلي رأسها الإعلام …
المسيرة التي سار بذكرها الركبان كانت مجرد فصل من فصول يوميات الحرب المستمرة حتي النصر ..بل أنها كانت مؤشر يأس تتخفي ورائه جحافل تكسرت نصالها علي صخرة السودان الصلبة وجيشه الذي لا يهزم.