نقلاً عن صحيفة الكرامة
ما إن اختتمت أعمال مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية الذي إستضافته العاصمة المصرية القاهرة في الأيام القليلة الماضية وبمشاركة واسعة من القوى الإقليمية والدولية المؤثرة في محيط الأزمة السودانية حتى حطت طائرة مسؤول أممي رفيع في زيارة للبلاد ويتعلق الأمر بالخبير المعين من قبل الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في السودان، رضوان نويصر، لتقييم وضع حقوق الإنسان في السودان وسط الصراع المستمر والآثار الإنسانية المرتبة حيال ذلك.
ثم تلتها بيوم واحد وصول طائرة نائب وزير الخارجية السعودي المهندس وليد الخريجي في زيارة إستمرت لساعات قليلة ناقلاً من خلالها رغبة المملكة العربية السعودية في إستئناف مفاوضات منبر جدة وإبداء المرونة والتجاوب مع المبادرات الايجابية والإنسانية
وما إن غادرت طائرة نائب وزير الخارجية السعودي حتى نزلت على مطار بورتسودان الطائرة الرئاسية التي تحمل على متنها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أول زيارة له منذ اندلاع الحرب في السودان وهي زيارة عدّها مراقبون كثر بأنها تحمل في طياتها العديد من الإشارات للتحول الكبير الذي حدث في الموقف الإثيوبي الرسمي بعد إتهامات طالتها بدعم إثيوبيا لمليشيا الدعم السريع المتمردة.
وتتواتر الانباء عن زيارة مرتقبة لمسؤول من دولة خليجية رفيع ستصاحب زيارته صخباً إعلامياً كثيفاً نظراً لمكانته وقدرته على إعادة توازن المشهد السوداني فضلاً عن تسريبات بزيارة لوفد روسي ستحدث زيارته إنقلاباً كلياً في الموقف السياسي والعسكري في البلاد لاسيما وان زيارته تأتي ضمن جولة أفريقية تضم كل من سيراليون وبوركينا فاسو ومالي
دعم القاهرة
ومنذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل في العام الماضي اتجهت الأنظار للقاهرة التي أكد المسؤولين فيها في عدة مواقف على مبدأ ضرورة احترام سيادة السودان ومؤسساته الشرعية التي يعبر عنها الجيش السوداني وهو ما اكده وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، بدر عبد العاطي في افتتاح المؤتمر والذي شدد من خلاله على “أهمية وحدة القوات المسلحة السودانية لدورها في حماية السودان، والحفاظ على سلامة مواطنيه عطفاً على ان مصر احتضنت الآلاف من السودانين الذين نزحوا الي مصر لذلك يأتي التعويل على القاهرة في احداث اختراق إيجابي في الأزمة السودانية ليس للجوار الجغرافي الذي يجمعها مع السودان ما يجعلها اكثر المتضررين من حالة عدم الاستقرار التي يعايشها السودانيين ولكن لاعتبارت عديدة اهمها أن مصر الداعم الأكبر للسودان ومصدر الثقل والاتزان والسند في المنطقة
ولقدرتها اي القاهرة فى الضغط لاحداث توافق من أجل الوصول إلى مسار سياسي وبناء علاقات جديدة على أسس جديدة، وبلورة خارطة طريق نحو حل الأزمة السودانية.
عطفاً على قدرتها في إعادة ترتيب البيت السودانى وايقاظ شعبه في السودان لما يحاك ضد بلدهم من مخططات خبيثة هدفها التقسيم وتدمير السودان.
روسيا دعم واجندة
زيارة الوفد الروسي المرتقبة ستشكل دفعة معنوية ودبلوماسية للسودان وتأكيد ضمني لدعم روسيا المتواصل لسيادة السودان وحكومته الشرعية بمؤسساتها المختلفة، ومساندتها ضد التدخلات الأجنبية في شؤونه ومخططات تمزيقه ،فالتعاون بين البلدين اصبح ضرورة يفرضها الواقع فالسودان الذي يخوض حرب الكرامة ضد مليشيات الدعم السريع وعصابة ال دقلو الإرهابية يسعى الي تحقيق اعلى درجات التعاون للاستفادة من الامكانيات الروسية في المجالات العسكرية ليعزز موقفه خلال الحرب لاسيما وان روسيا برزت في صناعة الأسلحة والذخائر وتتميز بامتلاكها مخزون وافر من الصناعات الدفاعية والاسلحة المتطورة والمقاتلات روسية الصنع عطفاً على ان السودان يحتاج لحليف قوي يوجه من خلاله رسائل في بريد بعض الدول الداعمة لمليشيا الدعم السريع ، كما أن روسيا تحتاج الي أن تعزز نفوذها في أفريقيا عبر تحالفها مع السودان بعد تمددها في المناطق التي تستعمرها فرنسا في أفريقيا كما ان روسيا تسعى الي الاستفادة من امكانيات السودان في المعادن لتعزيز وضعها الاقتصادي الذي تراجع بعد الحرب الاوكرانية.
مخاوف اثيوبيا
من المؤكد أن تغيرات كبيرة حدثت في الموقف الرسمي لاثيوبيا حيال الأزمة في السودان فالدولة التي طالتها الاتهامات بدعمها لمليشيا الدعم السريع المتمردة بالمرتزقة المقاتلين والاسلحة فضلاً عن إستقبالها لقائد التمرد حميدتي واحتضان توقيعه على الاتفاق السياسي مع تنسيقية تقدم جعلت علاقتها مع السودان تشوبها بعض التوترات الا انه من المؤكد أن مياه كثيرة جرت تحت جسر العلاقات بين البلدين بعد زيارة سرية قام بها مدير جهاز المخابرات العامة الفريق احمد ابراهيم مفضل جعلت إثيوبيا تعيد النظر في موقفها حيال الأزمة في السودان عطفاً علي ان تمدد الحرب شرقاً في تجاه الحدود السودانية الإثيوبية أثار مخاوفها بخطورة الأمر لاسيما وأنها تعاني من تعقيدات اقتصادية وسياسية وأمنية داخلية وتداعيات حرب إقليم التيغراي لذلك سعت الي تحسين صورتها امام القيادة في السودان ودفع جهود السلام والتقارب بين الفرقاء السياسيين والعسكريين لضمان عدم انتقال الحرب السودانية الي الحدود المجاورة لها مما سينعكس مباشرة على الأمن الإثيوبي وما يربط بين البلدين من مصالح استراتيجية واقتصادية.
أجندة سعودية أمريكية
معلومات موثوقة إشارت الي أن وفد المملكة العربيةالسعودية الذي زار البلاد امس الأول لم يجد إستجابة بشأن عودة السودان لمفاوضات منبر جدة الا بعد تنفيذ ما اتفق عليه سابقا وهو خروج الدعم السريع من منازل المواطنين كما رفض ايضا اضافة مسهلين جدد يدعمون الدعم السريع فى إشارة الى الامارات التى سعت بكل ما تملك الى المشاركة فى مفاوضات جدة.
وبحسب المعلومات فإن البرهان تحدث بلغة اكثر صرامة وحزم للمبعوث السعودى وهو ما جعل الوفد السعودي يعود دون تحقيق الحد الأدنى من النتائج المتوقعة للزيارة والتي تحمل في ظاهرها رغبة المملكة في استئناف مفاوضات جدة الا ان باطنها كان يحمل مخاوف الولايات المتحدة الأمريكية من خطوة السودان في التعاون مع روسيا والذي من المتوقع أن يتمخض عنه انشاء قاعدة عسكرية قي البحر الأحمر
فغير خاف ما تمر به العلاقات السودانية السعودية من فتور بعد اتهامات طالتها السعودية بمنعها مرور سفن تحمل أسلحة في طريقها للسودان بل حتى منع شركات الشحن البحرية من نقل شحنات اسلحة للسودان وهي أزمة ربما عمد الجانبان على أن تبقى مكتومة دون الحديث عنها.