(شوكة حوت) ياسر محمود يكتب … مَتِك _ فَتِك _ جَغِم
*تعبأت كنانة الشعب السودانى بمفردات قميئة موغلة فى الإنحطاط فى فترة تغذية خطاب الكراهية التى سبقت إندلاع الحرب حيث قامت مجموعة من المغضوب عليهم بحقن عقول الشباب بمفردات جعلت المسافة بين الشعب السودانى وبين موروثاته التى عرف بها كالمسافة ما بين السماء والأرض فى أقرب حالاتها وأصبحت هناك فجوة إجتماعية بين الفئات العمرية وتسيد الشارع أصحاب السراويل الناصلة والشعر المفلفل والأخلاق المنحطة وإنعدمت لغة التواصل وتحطمت نظرية قبول الآخر والإستماع للرأى والرأى الآخر وطفأ على السطح قانون واحد فقط هو (من ليس معنا فهو ضدنا) وضدهم هو من الضرورة بمكان أن يكون كوز ومندس وفلول يجب أن لا يحترم وإن كان من أولى القربى وإنفرط عقد الترابط الإجتماعى بين مكونات الشعب السودانى حتى وصلنا الطامة الكبرى مرحلة الحرب الضروس التى جعلت الشعب السوداني كله تحت خط الفقر والمسغبة واللجؤ والنزوح وأصبح الدم السودانى أرخص الدماء وأصبح الدفن ما بعد القتل أو الموت هو نوع من أنواع الرفاهية.
*لم تتعود آذان الشعب السودانى الأصيل التى إستعمت الى صديق أحمد حمدون ودراسات البروفيسور عبدالله الطيب وتابعت لسان العرب وفرسان فى الميدان وإستمعت الى برنامج عالم الرياضة وعشقت الهلال وأحبت المريخ وتغنت فى الموردة ورددت مع وردى الطير المهاجر لصلاح احمد ابراهيم وإستمعت للمديح بصوت عبدالعزيز محمد داؤود وأولاد حاج الماحى والشيخ البرعى وترنمت بأغانى الحقيبة ورددت مع عثمان حسين رائعته شجن وأنا والليل والمساء وإستمعوا الى ما قاله أبو آمنة حامد حينما قال سال من شعرها الذهب ورددها صلاح بن البادية بصوته الطروب وتجاوزوا مرحل السمع الى السماع ثم الإستمتاع بالفن الشعبى وعشقوا الإذاعة والتلفزيون وزاروا المسرح القومى ورددوا مع أم كلثوم والهادى أدم أغدا ألقاك وشنفت آذانهم ترانيم الكابلى أسيا وأفريقيا للحسين الحسن.
*الكراهية التى دخلت البيوت حولت كل هذا الجمال الى قبح وحولت الإلفة والمحبة الى بغض وأصبح الثابت فى تعاملنا من خطاب أى كوز ندوسوا دوس ومعليش معليش ما عندنا جيش وتم إدخال مفردات يصعب على الأذن الإستماع إليها واصبحت من المفردات التى ترددها حتى الفتيات من دون حياء وأصبحنا نستمع على مضض مفردات تكاد تكون من مسببات الغثيان والإستفراغ لأصحاب الوجدان السليم مثل بل ومتك وجغم وفلنقاى وحتى الموت أصبح عندنا نوع من أنواع الترفيه عن النفس وبتنا نسأل عن عدد المجغومين ونكبر ونهلل فرحا كلما إرتفع عدد المجغومين وتحول الشارع السودانى الى شارع غريب لسان غريب ديار غريب أهل ولا سيما بعد أن إرتفعت معدلات النزوح واللجؤ وأصبح هناك تغيير ديمغرافى حقيقى فى فترة الحرب وإنعدمت الثقة ووصل بنا الحال الى الحضيض نحن كشعب سودانى كتبت علينا الحرب وهى كره لنا وعجزنا فى إيقافها وعجزنا فى الوصول الى صيغة تحفظ دمائنا وأعراضنا وشرفنا وعجزنا فى حسم الحرب على الأقل فى الوقت الراهن وأصبحنا ننتظر الحلول الخارجية.
*ماتت الخصوبة فى ارحام حرائرنا تأجلت الأفراح ماتت الأحلام فى عيون العشاق تفرقت الأسر بين الدول أصبح القاسم المشترك بينهم جميعا أمنية واحدة قد تكون صعبة المنال فى القريب العاجل هو أن تلتقى الأسر مجددا فى بيوتهم التى خرجوا منها مكرهين مجبرين أصبح حلم العشاق أن يلتقوا مجددا ليكملوا ما تواعدوا عليه من حلم وفرح ودخول بيت الحلال حتى تتوسم أجساد العذارى برائحة الطلح والشاف والخمرة وتزدان الأيادى بخضاب الحناء وتعلو زغاريد الفرح داخل البيوت الحزينة والى ذلك الحين سيتواصل مسلسل الموت سمبلا وتسيل الدماء طالما أنه لا توجد رغبة أكيدة فى وقف الحرب.
نــــــــــــص شـــــــــوكة
لو كان هناك شعب يجهل النعمة التى كان يعيش فيها قبل الحرب والموت والتشرد هو الشعب السودانى والآن بعد خراب الخرطوم وحريقها ودمار سوبا أصبحت النفوس تردد فى حسرة وتقول يا ريت يا ريت.
ربــــــــــــع شــــــــوكــة
الى ذلك الحين تجرعوا مرارة النزوح واللجؤ والمعاناة حتى تعودوا الى رشدكم.