مقالات
(رد فعل) عماد ابوشامة يكتب… ٢٣ رمضان … عدت سنة …!!!
- سنة هجرية بالتمام والكمال عدت علي حرب ال دقلو .. نهار هذا اليوم ٢٣ رمضان من العام الماضي اندلعت الحرب .. الكل كان يظن انها لن تستمر اكثر من ايام تعد علي أصابع اليد الواحدة ان لم تكن ساعات .. ولكن..
- كنت أحاول ان استرجع ذكرى هذا اليوم والايام التي سبقته.. كانت المؤشرات كلها غريبة وقريبة كأنك تتذكر ساعات ومواقف و ايام شقيق او صديق مات فجأة وتركك في عز الصدمة والالم.
- الخمسة الايام التي سبقت الحرب كلها كانت افطارات رمضانية في منازل جنرالات الحرب ومن لهم علاقة بقيادة دفة الأحداث المثيرة في تالي الايام … افطار جماعي في منزل الفريق ياسر العطا.. افطار في منزل الفريق خلا عبدالرحيم دقلو .. ثم في منزل الفريق الكباشي .. وجبريل ابراهيم .. وافطار في منزل ومسيد شيخ الامين.. كانوا كأنهم يودعون منازلهم ويعيشون فيها اللحظات الأخيرة والغريب كان الزحام غير المعتاد في جميع هذه الإفطارات ما عدا تقريبا افكار شيخ الامين فالضيوف فيه نوعيون والاغرب انه لم يكن بينهم سياسي غير مناوي وكان هذا يوم الخميس الذي سبق سبت الحرب ولم ينسى علي طريقته ان يطمن الناس (علي الفاضي) انهم اقتربوا من نزع فتيل الأزمة بين رئيس مجلس السيادة و نائبه.
- وكل هذه الافطارات التي جمعت كل الاطياف السياسية والإعلامية وكان سوء العلاقات بين برهان وحميدتي في اوجها وقوات حميدتي في مروي والجدل يتسع مع كل صباح ولكن أجواء تلك الافطارات لم يكن يتخللها شك او تشاؤم بان رحي الحرب ستدور حتي في آخر إفطار كان يوم الجمعة ٢٢ رمضان بمنزل وزير المالية جبريل ابراهيم.. في الهمس الجانبي اغلبهم كان يقول لا تخشوا علي السودان فإنه لن يقع ضحية فتنة تقوده الي حرب ولكنه وقع وباسرع واسهل مما نتخيل.
- احد المحللين الكبار قال لي عشية احد الافطارات : لا تصدق ان قوات حميدتي ذهبت الي مروي بكل هذا الحجم دون أمر تحرك .. عسكري صغير لا يمكن أن يسافر لقضاء اجازة مع أسرته دون أمر تحرك .. ما يحدث مسرحية بين البرهان وحميدتي للتنصل من الاتفاق الإطاري بذكاء واردف رسالة ماجستير البرهان العسكرية كانت في الخداع الاستراتيجي فلا تصدق ما يحدث فهو تكتيك كاهن كبير ومعلم.
- صراحة انا صدقت وربما أعجبتني الفكرة وقلت في سري (خلي القحاطة يشربوا ما يروا).
- تعودنا علي السهر الرمضاني في قلب الخرطوم .. تحركت صوب تخوم العاصمة حيث اسكن شمال الجزيرة .. من بداية شارع الستين في اتجاه شارع مدني مررت بالضرورة بمسجد سيدة سنهوري وصوت شيخ الزين وترتيله يشق المكان والازدحام امام المسجد الذي يحاول تنظيمه رجال المرور كان فوق العادة .. ما كنت اظن ان هذا اخر عهدنا بالخرطوم وعمارها قبل ان يتركها سكانها للقطط (والشفشافة) كما تنبأ حميدتي.
- وصلت الي منطقة الباقير حيث اللواء ٢٦ مشاة في حوالي الساعة الثانية والثلث فجر يوم اندلاع الحرب نفسه وقد هالني ما رايت امام المعسكر حقيقة .. فقد كانت كل القوة خارج المعسكر علي ظهر التاتشرات والدبابات والمجنزرات متجهة الي الخرطوم علي جانبي شارع الاسفلت واياديهم علي الزناد وكأنهم ينتظرون الامر بالتحرك عندها فقط أدركت ان البلاد ما صبحانة علي خير .. وهذا المعسكر هو الذي قيل بعد ذلك انه حدثت فيه خيانة من قائده حيث تم إفراغه من القوة وقد احتله الدعم السريع بعد ذلك وهو يسيطر عليه الي يومنا هذا ويعتبر من أهم معسكراته جنوب الخرطوم وشمال الجزيرة.
- نمت بعد العشاء والسحور متوجسا لنستيقظ جميعا علي طموحات حميدتي وشقيقه الي احالت البلاد الي خراب وحرب لا نعلم متى تنتهي..
- في منتصف عام ٢٠٢٠م شعر رئيس هيئة الأركان بخطورة بقاء الدعم السريع خاصة أن العلاقة بين القيادات في الطرفين بدات تسوء يوما بعد يوم وتذكرون الحائط الخرصاني الذي بدأ الجيش في بناءه حول القيادة العامة تحوطا لاشتباكات قد تقع معهم بل وصل الامر- كما أسر لي أحد العسكريين- ان جرى اتفاق مع المخابرات المصرية للتعامل مع الدعم السريع اذا ما حال الهرب في اتجاه الحدود الليبية للتحالف مع حفتر هناك بعد طردهم من العاصمة بالطبع . ولكن البرهان لم يترك الجيش يمارس العسكرية فمارس هو لسياسة هو في ابشع صورها فقام بالوساطة بين رئاسة هيئة أركان وقيادة الدعم السريع للصلح بينهما وقد كان وبقي الدعم السريع يتمدد في العاصمة يوما بعد يوم حتي طمع في ابتلاع البلاد كلها.
- نواصل.