(تقرير) دعوات لاستعجال تشكيلها بمهام محددة وعاجلة حكومة حرب…هل يستجيب البرهان؟!
تقرير: رحمة عبد المنعم
تزايدت مؤخراً المطالبات من سياسيين ومواطنين وممثلي المجتمع المدني في السودان، لرئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بضرروة الإسراع بإقالة الحكومة الحالية وتعويضها بحكومة كفاءات مستقلة جديدة، تكون فاعلة ومنتجة وإصلاحية، تأخد بعين الاعتبار التحديات الراهنة، وما يتعرض له الشعب السوداني من هجمات شرسة غير مسبوقة، وتهجير قسري وتجويع على يد مليشيات الدعم السريع، خاصة وأن الحكومة الحالية واجهت انتقادات واسعة على اعتبار أن أداءها ومردودها لم يكن في مستوى المتوقع ومتطلبات مرحلة الحرب، وأنها غير قادرة على مجابهة التحديات المطروحة اقتصاديا واجتماعيا.
حكومة حرب
وتجيئ دعوات تشكيل حكومة جديدة مع تزايد عدد الوزراء المقالين في حكومة ما بعد إجراءات 25 اكتوبر 2021م، إذا بلغ عددهم حتى الآن عشرة وزراء، آخرهم كان وزير الخارجية علي الصادق، وقبله بفترة قصيرة تم إنهاء تكليف أربعة وزراء وتعيين آخرين.
ودعا مراقبون إلى الإسراع بتعيين “حكومة حرب”، تكون لها مهمّات محدّدة عاجلة واستثنائية، تخاطب العالم الخارجي وتعكس الانتهاكات الكبيرة التي تعرضها لها المدنيون على يد مليشيات الدعم السريع، وتلبّي الاستحقاقات الاجتماعية، وتعمل على تشغيل المستشفيات في المناطق الآمنة، وتبتكر حلولا لاستنئاف الدراسة بالجامعات والمعاهد، وتكرّس استمرارية الدولة، وخاصّة على مستوى التزاماتها المالية بدفع رواتب الموظفين والعمال المتوقفة في بعض الولايات منذ شهور، وتجابه باقتدار اثار الحرب.
كما يبرز عامل آخر يدفع نحو الحاجة إلى تغيير جذري في تشكيلة الحكومة وتوجهاتها، وهو عامل الضغوطات المتزايدة المسلطة على الحكومة الحالية، وحاجة الرئيس البرهان إلى ضخ دماء جديدة والتعويل على شخصيات وطنية، تقود البلاد في هذه المرحلة الصعبة.
أبرز الترشيحات
وعلى الأغلب، فإن استجابة الرئيس البرهان لدعوات تغيير الحكومة وضخ كفاءات غير حزبية في هويتها وتوجهاتها، تظل ممكنة وحان توقيتها خاصة بعد الانتقادات الواسعة لأداء الحكومة الحالية، واستمرار الدعوات لتشكيل حكومة حرب تضطلع بمهامها وتواكب التطورات.
وكشفت مصادر صحفية لـ(الكرامة)، ابرز الخيارات المرشحة لتولي رئاسة الحكومة القادمة، ومن بينها ترفيع الاستاذ أحمد عثمان حمزة والي الخرطوم الحالي، والذي قدم اداءً تنفيذيا ممتازا في ظل الحرب، ليكون رئيساً للوزراء، ومن الأسماء المطروحة د. محمد حسين ابو صالح خبير العلاقات الخارجية، كما ظل معروضا بقوة أسم د. جبريل ابراهيم وزير المالية لشغل منصب رئيس الوزراء، وعدد من الشخصيات الوطنية الأخرى التي دفع بها لمكتب رئيس مجلس السيادة وفي انتظار الإعلان عنها لقيادة حكومة تصريف الأعمال المستقلة.
تعيينات وإقالات
ويقول د. عبد الرحمن فضيل رئيس حزب بناة المستقبل، إن الدعوات المتكررة لتشكيل حكومة حرب او حكومة تكنوقراط تتماشى مع ظروف الحرب كانت منذ الايام الأولى للحرب لكن لم تكن هنالك استجابة بل ان كثيرا من قادة المليشيا ظلوا وزراء واعضاء سيادة لشهور ولا يزال بعض منسوبيها في مواقع مهمة وكذلك اغلب تعيينات (قحت) في الصحة والخارجية هي التي تسيطر وتدير امر البلاد حتى هذه اللحظة وظلت وزارتا الإعلام والدفاع في حالة غياب كبير وكل ذلك مرده عدم تشكيل حكومة داعمة للجيش في حربه.
وأضاف لـ(الكرامة): لا اتوقع ان يستجيب البرهان بتشكيل حكومة الان لكن ربما تعيينات واقالات محدودة، ومن مهام حكومة الحرب التي يطالب بها الجميع هي حكومة رديفة للجيش معه في الميدان وفي كل مكان حرره الجيش تقيم الحياة وتذلل الصعاب وتسهل عودة المهجرين وغيرها من المهام التي تمكن الجيش من عودة الحياة الطبيعية.
قدر التحدي
من جانبها، تقول الكاتبة الصحفية أمل ابو القاسم لـ(الكرامة)، ان الحديث عن تشكيل حكومة تكنوقراط ليس حديث عهد، وتجدد الحديث عن تشكيل حكومة كفاءات مرتقبة قطع بها البرهان وهو يجهر بلاءت ثلاث تشي بأن القادم من واد ليس بذي زرع أو لون سياسي، وانها حكومة تكنوقراط صرفة، وكل ما يتمناه الشعب ان يصدق هذه المرة ويتروى في الاختيار وان يكون على رأسها رئيس وزراء وليس وزير مجلس وزراء يتلقى القرارات من السيادي ليتلوها نيابة عنهم.
وتضيف: على مجلس السيادة ان يعي تماما ويضع نصب عينيه ان هذه الفترة تحديدا لا تشبه اي فترة منذ العام 2019م عام التغيير الجذري والاحداث المتلاحقة التي افضت لحرب لم تبق او تذر، وان الحكومة المرتقبة لابد ان تكون على قدر التحدي سيما الوزارات المعنية بالاقتصاد والبلاد تشهد دمارا كاملا تحتاج معه لعقول ثاقبة وجدية منقطعة النظير وهي الأهم، ولا يستثى من ذلك الوزارات الاجتماعية والإنسانية بما فيها الشؤون الدينية الأوقاف التي ينبغي لها ان تكون فاعلة في كل ولايات السودان وهي تقدم النصح والارشاد وتحارب خطاب الكراهية الذي يمثل هذه الفترة احد اسلحة الحرب المدمرة لكيان المجتمعات ومفككة للحمته التي عرف بها دون سواه من بلاد العالم.
وتابعت أمل: ان الحكومة القادمة جميعها بلا استثناء يحتاجها وضع الإنسان والبلاد وعليه فلابد ان تكون بقدر التحدي فعليا، وليت رئيس مجلس السيادة يتحرى الدقة هذه المرة في الاختيار فالسودان مليئ بالاخيار الذين هجر بعضهم قسرا حتى من قبل الحرب وهم لا يجدون التقدير اللازم في بلادهم، يجب إعادة العقول المهاجرة التي استفاد منها الغير نحن أولى بها.
إعادة اعمار
من جهته، قال المحلل السياسي عمار العركي، إن الدعوة لتشكيل حكومة كفاءات هي دعوة سابقة ومُستمرة منذ عهد حكومة الشراكة والانتقال التي لم تراع المصلحة العامة، بقدر ما راعت المصلحة الحزبية والسياسية الضيقة عند التشكيل فكان لابد لها من الفشل والتلاشي وكانها لم تكن.
واضاف لـ(الكرامة): زادت وتيرة الدعوات والمطالبة بعد قرارات اكتوبر 2021م، ولكن نتيجة للضغوط والارادة الخارجية ذات الأطماع لم يتم تشكيل وتعيين حكومة وتم تسيير دولاب العمل في الدولة بالمكلفين والمديرين العامين حتى اندلاع الحرب، وتعالت الاصوات المطالبة بضرورة وجود حكومة حرب ومهام محددة.
واوضح أنه طيلة أمد الحرب التي تجاوزت العام لم يستجب البرهان، واعتقد أن ذلك بسبب التدخل الخارجي ومسايسة وساطة جدة التي ترى ان يكون التشكيل الحكومي بعد ايقاف الحرب، ومؤخرا- بعد بروز المقاومة الشعبية المساندة للجيش وتعالي الأصوات الداخلية وتنامي الراي العام الشعبي وحالة اليأس والإحباط من اي دور ايجابي للوساطة مع تنامي خطر و”مهدد عدم وجود حكومة”- تحرك البرهان ببطئه المعروف وابرته المعهودة في إحداث تغييرات وإحلال وإبدال حسب القرارات الأخيرة التي طالت الخارجية، القضارف، كسلا والشمالية، ونحسب أنها خطوة تحتاج لمزيد من الضغط والطرق عليها حتى تذهب في إتجاه تشكيل حكومي صريح وبحسب تصريحات سابقة للبرهان (حكومة كفأءات وطنية لا حزبية).
وأشار العركي إلى أن اي حكومة تاتي في ظل الحرب او بعدها تكون معنية بتثبيت دعائم ةةركائز النصر والسلام، ثم إعادة إعمار ما دمرته الحرب، والعمل على تخفيف المعاناة والعبء على كاهل المواطن الذي ظل يعاني ويكابد قبل الحرب وفقد كل شئ بعدها.