إتفقوا على علمانية الدولة وحق تقرير المصير … (حمدوك – الحلو- عبدالواحد) مثلث التآمر
تقرير : ضياءالدين سليمان
اقرّ إعلان نيروبي الذي وقعه عبدالله حمدوك رئيس الوزراء السوداني السابق وزعيم الحركة الشعبية – شمال عبد العزيز الحلو، وقائد حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور بالعاصمة الكينية نيروبي امس السبت بضرورة تأسيس الدولة السودانية على أسس جديدة أهمها أن تكون دولة علمانية يكون فيها الفصل بين الدين والدولة هو اساساً للحكم الي جانب إعطاء الشعوب السودانية حقها في ممارسة تقرير المصير، في حال لم يتم تضمين المبادئ الواردة في هذا الإعلان ضمن مواد ومقررات الدستور الدائم في البلاد.
فيما طالب الاتفاق الذي وقّع حمدوك على نسختين منه احداها مع الحلو و الاخرى مع عبد الواحد كل على حده بحضور الرئيس الكيني وليام روتو. بضرورة تأسيس منظومة عسكرية وأمنية جديدة وفق المعايير المتوافق عليها دوليًا، وإعادة النظر في قومية الجيش ليكون مهنياً يعمل وفق عقيدة عسكرية بحيث يعبر تشكيله عن كل السودانيين وفق لمعيار التعداد السكاني على حد تعبير نص الاتفاق.
كما تضمن الاتفاق عقد مائدة مستديرة تشارك فيها فقط القوى الوطنية المؤمنة بالمبادئ الواردة في الإعلان وناشد المجتمعين الدولي والإقليمي ممارسة الضغوط على الأطراف المتحاربة ومضاعفة الجهود لوقف عاجل للحرب.
ردود افعال غاضبة
خلّفت خطوة توقيع اتفاق نيروبي بين حمدوك والحلو وعبد الواحد ردود أفعال غاضبة في الاوساط السودانية وما أن تداولت أنباء توقيع الاتفاق حتى ضجت وسائل التواصل الإجتماعي بتوجيه نقد لاذع لاطراف الاتفاق باعتبار أن الهدف منه ليس وقف الحرب كما جاءت بعض بنوده بل انه يسعي الي حشد لتأييد الدعم السريع وأعاده إنتاجه من جديد فيما عدّ آخرون الخطوة بأن الاتفاق هو اتفاق ملحق للاتفاق السياسي الذي وقعته تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية تقدم مع مليشيا الدعم السريع في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا والذي اقر بموجبه تكوين إدارات مدنية في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الدعم السريع على غرار ما تم في ولاية الجزيرة.
فيما صب البعض جام غضبهم حيال هذه الخطوة التي تمت برعاية الرئيس الكيني وليام روتو الذي يعد حليفاً وصديقاً لقائد الميليشيا حميدتي وان الامر برمته يعتبر حلقة جديدة من مسلسل استهداف البلاد واتساع لدائرة التآمر عليها من قبل بعض الدول.
صفة متناقضة
وقع حمدوك على الإعلان في نيروبي مع عبدالعزير الحلو بصفته رئيساً لتنسيقية تقدم فيما وقع مع عبد الواحد محمد نور بصفته الشخصية بأعتباره رئيساً سابقاً لمجلس الوزراء دون الإشارة إلى تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” التي يترأسها وهو توقيع اقل ما يوصف بأنه توقيع بصفات متناقضة رغم أن القضايا التي تضمنها الاتفاق مع الحلو هي ذات القضايا الموجودة في الاتفاق مع عبدالواحد الا أن القاسم المشترك بين الاتفاقين هو أن حمدوك لم يستصحب معه اراء عضوية مكتبه القيادي والتنفيذي لتقدم في اتفاقه مع المذكورين.
فيما أكد استاذ العلوم السياسية خالد الطريفي على أن الطريقة التي وقع بها حمدوك تشير الي عمق الخلافات المكتومة بين العناصر المكونة لتقدم لاسيما وان حمدوك قد استبق انعقاد المؤتمر التأسيسي لتقدم والمزمع انعقاده نهاية الشهر الجاري والذي ينبقي ان يناقش القضايا الواردة في الاتفاق لاسيما مسألة حق تقرير المصير وعلمانية الدولة باعتبارها قضايا مصيرية تحدد مسار وهوية الأمة السودانية.
إستهداف الجيش
أخطر ما ورد في اتفاق نيروبي هو التأكيد على ضرورة تأسيس جيش جديد وإعادة النظر في قومية الجيش ليكون مهنياً يعمل وفق عقيدة عسكرية بحيث يعبر تشكيله عن كل السودانيين وفق لمعيار التعداد السكاني وهي دلالة واضحة لاستهداف الجيش السوداني عبر مخطط هو معلوم بالضرورة لدول تسعى لاضعاف الجيش للسيطرة على موارد وثروات البلاد وهدم معالم الدولة السودانية كما حدث في اليمن وليبيا والعراق.
دلالة التوقيت
لم يكن اختيار حمدوك لهذا التوقيت وليد الصدفة بل ان التوقيت جاء متزامناً مع التقارب الذي بدأ بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية عبر مفاوضات جوبا للوصول الي اتفاق لإيصال المساعدات الإنسانية لمناطق جنوب وغرب كردفان والنيل الأزرق هذا الامر يؤكده أنه وبعد يوم واحد فقط من إعلان نيروبي انهارات المفاوضات التي تنعقد في جوبا بين الحكومة والحركة الشعبية مما أدى الي تعليقها لأجل غير مسمى عطفاً على أن قضايا الاتفاق من المفترض أن يتم النقاش حولها في المؤتمر التأسيسي لتقدم نهاية الشهر الا أن حمدوك استبق المؤتمر بعد أن اقتربت الحكومة والحركة الشعبية من الوصول لاتفاق الأمر الذي اجهض هذا التقارب