اعمدة الرأي

أشرف إبراهيم يكتب … توصيات لجنة المؤامرات الدولية

*غني عن القول أن مايتعرض له السودان منذ الخامس عشر من أبريل العام 2023 م، حرب لها إمتدادات خارجية وأجندات متشابكة ومتقاطعة وتستهدف في المقام الأول تفكيك الدولة وتشكيلها على الطريقة التي يريدونها عبر عملاء ينفذون أجندتهم (كرزايات جدد)، ولم تكن مليشيا الدعم السريع المتمردة إلا أداة فقد كان هدفهم الأول أن تحتل المليشيا السودان وتستولى على السلطة بالقوة وحينما فشل المخطط عمدوا إلى خطة الخراب والتدمير للدولة ومؤسساتها وتشريد المواطنين.
*ورغم الخراب الممنهج لم ييأسوا فقد حاولوا كثيراً الضغط على القوات المسلحة وقيادتها للرضوخ والتوقيع على إتفاق سلام يعيدوا فيه ومن خلاله تموضع المليشيا وحليفها السياسي وكأن شيئاً لم يكن، بشتى الوسائل والسبل حاولوا تسويق إيقاف الحرب وتوقيع اتفاق سلام وفق هذه الأجندة من جدة إلى المنامة وأخيراً جنيف، وعملوا على تجاوز مخرجات منبر جدة لأنها تجرد المليشيا من أوراق قوتها بوجودها في المنازل والأعيان المدنية.
*من أدوات الضغط التي يعملون الآن على تجريبها من جديد المنظمات الدولية والحقوقية والتي هي في الأساس أدوات تحكم مسيسة خاضعة بالكامل للسيطرة الغربية وغارقة في الإنحياز وإزدواجية المعايير.
*مجلس حقوق الإنسان الذي شكل لجنة تقصي حقائق في أكتوبر من العام الماضي بموجب قرار أعتمده المجلس بفارق بسيط بعد التصويت عليه داخل المجلس ورفض دول عديدة له، هذه اللجنة فرغت من تقريرها وقدمت توصيات ومن توصيات التقرير الذي أعدته هذه اللجنة المسيسة، الدعوة الى نشر قوة مستقلة ومحايدة لحماية المدنيين والتوصية إلى مجلس الأمن بتعميم نطاق ولاية المحكمة الجنائية الدولية على كل السودان وكذلك توسيع مجال حظر السلاح المفروضة على ولايات دارفور ليشمل كل السودان والنظر فى إنشاء آلية قضائية دولية منفصلة تعمل جنباً الى جنب وتكاملاً مع المحكمة الجنائية الدولية،ومن المتوقع أن يتم تقديم ذات التقرير الى الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال دورتها ال ٧٩ ويناقشه مجلس حقوق الإنسان في جنيف غداً.
*ما يبين خطل وعوار هذه اللجنة انها تزعم بأنها استقت معلوماتها من “180” سوداني وسودانية نازحين أو لاجئين التقتهم في دول الجوار وهذا يدحض مصداقية التقرير وينسفه شكلاً دون الحاجة لقراءته والدخول في تفاصيله، إذ كيف يمكن أن تكون شهادة أقل من مائتي شخص من ضمن أكثر من 40 مليون سوداني تصلح لتكون معياراً يستدل به في تقرير تقصي حقائق في جرائم كبيرة كالتي حدثت في السودان،صحيح قد لايكون متاح مقابلة كل السودانيين ولانطالب اللجنة بفعل ذلك ولكن على الأقل كان يمكن أخذ أراء أعداد أكثر من الذين ذكرتهم اللجنة في تقريرها المشكوك فيه.
*والثقوب كثيرة في هذا التقرير، فقد ساوت اللجنة فيه بين القوات المسلحة ومليشيا الدعم السريع في الجرائم المرتكبة، والجميع يعلم من الذي ارتكب الجرائم وشرد وقتل ونهب وأغتصب، واللاجئين في دول الجوار الذين التقتهم المنظمة وتحديداً في تشاد وقد زارها أعضاء اللجنة، هم في الأصل ضحايا مليشيا الدعم السريع المتمردة حيث قتلت أهلهم وشردتهم وبالتالي هذا التقرير ملفق وإفادات الشهود مزورة وليست حقيقية.
*من الواضح أن دولة الإمارات الداعمة للمليشيا ومن خلفها أمريكا مارسوا ضغوطاً على اللجنة ومجلس حقوق الإنسان لإصدار هذا التقرير الملفق ليمرروا عبره أجندتهم في حظر السلاح وإدخال قوات عسكرية دولية كما أوصت اللجنة وليحققوا مافشلوا فيه عبر الحرب والضغوط الدبلوماسية.
*هذه المؤسسات الدولية موغلة في التسييس والأجندات والدول الغربية تستغلها منذ سنوات طويلة لتطويع الأنظمة وتكبيلها وإعادة هندسة الدول وتجريدها من مكامن قوتها عبر المزاعم الحقوقية والقيم الإنسانية وهم أبعد مايكونون عن هذه القيم.
*الواقع الدولي الآن يبدو غير قابل لإتخاذ مثل هذه الخطوة، خطوة تدخل دولي عسكري في السودان أو غيره وقد جرت مياه كثيرة تحت الجسر عقب إندلاع حرب روسيا وأوكرانيا ولا يوجد محفز للإقدام على تدخل عسكري دولي، وفي تجارب القوات الدولية السابقة في السودان مايغني عن التفكير في إعادة المحاولة فقد كانت عاجزة حتى عن حماية نفسها ناهيك عن حماية المدنيين والدخول في المواجهات العسكرية.
*ولكن على أي حال هؤلاء القوم لايؤمن مكرهم وينبغي التحسب لتحركاتهم وعلى الدبلوماسية السودانية، وزارة الخارجية والدبلوماسية الرئاسية وجهاز المخابرات العمل بفاعلية أكبر مع الدول الكبرى سيما روسيا الصين وإقامة تحالفات حقيقية وقوية قائمة على المصالح المشتركة تدعم موقف السودان وتجنبه مكائد وتربص هذه الدول المتأمرة وعلى رأسها بريطانيا وأمريكا والإمارات والدول المتحالفة معهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى