تقرير : ضياء الدين سليمان
نقلاً عن صحيفة الكرامة
على نحو مفاجئ أصدر قائد مليشيا التمرد حميدتي قراراً قضى بالاطاحة بيوسف إبراهيم عزت من منصبه كونه مستشاراً للشؤون السياسة للدعم السريع دون توضيح الأسباب التي قادت الي اتخاذ تلك الخطوة.
ورغماً عن ان القرار كما قال الدعم السريع في بيانه يأتي ضمن التغيرات الروتينية الداخلية الا ان الأمر لا يخلو من تعقيدات تشير الي أن الأوضاع داخل المليشيا ليست على ما يرام وفي طريقها الي الانفجار وهو تأكيد ضمني على وجود خلافات حادة متعلقة بالشأن السياسي الذي انعقدت بشأنه ورشة لاعادة هيكلته في أبريل الماضي بيوغندا.
وتداول الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي القرار بصورة واسعة بعد ان اختار قائد التمرد الاطاحة بأقرب العناصر له وهو احد مهندسي الانقلاب الذي كان الشرارة التي أشعلت نار الحرب في السودان وكانت موكلة اليه مهمة الإشراف على إذاعة بيان استلام السلطة بعد نجاحه ما يؤكد أن الخطوة التي اقبل عليها حميدتي تعكس أن هنالك أزمة كانت مكتومة داخل اروقة المليشيا قد بدأت تظهر الي العلن.
من هو يوسف عزت؟؟
لم تكن علاقة يوسف عزت بالدعم السريع قديمة ولم يكن هو من المؤسسين له فالرجل طوال تاريخه السياسي والذي بدأه منذ تسعينيات القرن الماضي ظل متأرجحاً ومتنقلاً بين الاحزاب والحركات المسلحة
فحينما كان طالباً بالجامعة كان ناشطاً ضمن احد الاحزاب ذات الفكر اليساري قبل أن يختار الهجرة الي دولة كندا التي مكث فيها لعشرات السنين لينضم في تلك الفترة الي حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور والذي انشق منه ايضاً مكوناً فصيلاً بإسم الجبهة الثورية المتحدة التي تولى فيها منصب الأمين السياسي، وشارك في عملية اتفاق الدوحة للسلام في دارفور ضمن قوى التحرير والعدالة، قبل أن يختلف مع رئيس الحركة التجاني السيسي وينشق عنه.
وليختفي عن أنظار الساحة السياسية قبل أن يظهر مجدداً في العام 2021م مستشاراً سياسيا لحميدتي والتي كان حينها نائباً لرئيس مجلس السيادة، ونشط وسط القوى السياسية والمدنية وأصبح مبعوثا لقائد مليشيا الدعم السريع والمتحدث الأول باسمها عقب اندلاع الحرب في السودان.
أدوار ومهام
منذ تعيينه مستشاراً سياسياً لحميدتي في العام 2021م بدأ عزت مستقلاً خلفيته اليسارية في تقريب وجهات النظر بين الدعم السريع وقوى إعلان الحرية والتغيير والتي شهدت توترات منذ حادثة فض اعتصام القيادة في يونيو من العام 2019م ولم تكن العلاقة في أفضل حالتها حتى بعد التوقيع على الوثيقة الدستورية والتي بموجبها تكونت الحكومة شراكة بين المدنيين والعسكريين حتى الاطاحة بالحرية والتغيير عبر قرارات أكتوبر من العام 2021م ليبدأ بعدها عزت التواصل العميق مع أحزاب الحرية والتغيير وكوّن منها ظهيراً سياسياً مسانداً للدعم السريع جعل الرؤية بينهما متسقة بشأن الاتفاق الإطاري بدعم من بعض القوى الدولية يتقدمها فولكر ليستمر هذا الفعل بعد الحرب فقد ظلت الحرية والتغيير والتي تحولت لاحقاً لتنسيقية تقدم لتشكل الغطاء السياسي للمليشيا المتمردة ليتمخض عن ذلك توقيع الاتفاق السياسي في أديس أبابا في يناير من هذا العام والذي بموجبه تم الاتفاق على تكوين إدارات مدنية في المناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع قبل أن يتم إقالته.
تفاصيل الاقالة
تحصلت الكرامة على معلومات مهمة بشأن إقالة يوسف عزت من منصبه وبحسب مصادر مقربة فإن الفترة الماضية شهدت خلافات مكتومة بين عزت و عبدالرحيم دقلو شقيق قائد التمرد سببها هيمنة عبدالرحيم وتكريسه للسلطات السياسية والعسكرية تحت يديه دون الرجوع الي شخص آخر لاسيما بعد اختفاء حميدتي عن المشهد في الفترة الماضية ما جعله ينفرد بكل القرارات المتعلقة بالتواصل مع تنسيقية تقدم الي جانب التواصل مع المؤسسات والمنظمات الدولية الداعمة لمليشيا الدعم السريع
واشارت المصادر الي أن الأمور ساءت لدرجة بعيدة بين عزت وعبدالرحيم بعد ورشة عقدت في يوغندا في أبريل الماضي تمت فيها هيكلة العمل السياسي والمدني ونقل مسؤولية إدارته تحت مسمى مجلس التنسيق المدني لقوات الدعم والذي يشرف عليه مباشرة عبدالرحيم وهذا ما اكده يوسف عزت في تغريدته التي وضح من خلالها انه هو من طلب اعفاءه من منصبه مشيراً الي أنه لا يمكنه العمل تحت قيادة عبد الرحيم دقلو بحكم تجربته وقناعاته، ولأنه شخص مدني ويعمل من موقع لا يخضع فيه للأوامر العسكرية، وليس جزءًا من هياكل قوات الدعم السريع، حسب تعبيره، واضاف طلبت إعفائي لأن تكليفي مرتبط بعلاقة شخصية قبل أن تكون أسرية ربطتني بالأخ محمد حمدان دقلو منذ أزمنة الطفولة”.
عطفاً على ان عبدالرحيم بات يتخوّف من الطموح الزائد لعزت في تقديم نفسه زعيماً سياسياً على حساب مشروع الدعم السريع وان مواقفه وتقديراته الشخصية لا تتوافق مع الدعم السريع لاسيما في ظل تراجع قناعات عبدالرحيم في التواصل مع تنسيقية تقدم الذي اعتبرها لم تكن بقدر الطموح في توفير السند السياسي للمليشيا فيما يصر عزت على أن تكون تقدم هي الحاضنة السياسية
ملفات خطيرة
يقول الكاتب الصحفي عزمي عبدالرازق حول إقالة يوسف عزت : “أسرار وملفات الدعم السريع الخطيرة كلها في يد يوسف عزت، وهو قناة التواصل المهمة بين آل دقلو وجماعة الإطاري، وهو أيضًا عراب الميليشيا وكاتبها الحاذق، بما في ذلك صياغة خطابات حميدتي وبيانات الفاتح قرشي، بدليل أنهم في أول بيان، الذي أقالوه فيه، كتبوا اسمه بصورة خاطئة ” يوسف عزة”، وبالتالي لا تستطيع الميليشيا أن تتخلى عنه لمجرد تدوينة تم تفسيرها بسذاجة. الراجح أن هنالك جراحة عميقة في الجسم التنظيمي للدعم بسبب تحولات في المشهد السياسي برمته، لا تنفصل بالضرورة عن التغييرات التي أجراها البرهان في مكتبه الداخلي أيضًا