عايدة سعد
*لا ابالغ أن قلت أنني لم اقتنع بأن التغيير الذي حدث في ديسمبر ٢٠١٩ بأنه ثورة شعبية خالصة دون أي تدخلات ؛ بل إنه تغيير داخلي أجرته المنظومة الحاكمة؛ ليقيني أن جهاز الأمن والمخابرات الوطني وعبر قواته ممثلة في هيئة العمليات ؛قادره على ردع اي تحرك داخلي أو خارجي؛ فقوة هذا الجهاز مازجت ما بين الأمن الشعبي الذي كان يوفر السند المعلوماتي عن كل كبيره وصغيره في هذه البلاد؛ ثم الشخصية المخابراتية التي كانت على هرم قيادته، كل هذه العوامل جعلت من جهاز الأمن الوطني قوة ضاربة اعترفت به كل المخابرات الإقليمية والدولية؛ كما أن هذه القوة والفاعلية اعترف بها ناشطي المعارضة نفسهم ؛فلم تتوقف آلتهم الإعلامية عن شيطنة عمل الجهاز والصاق التهم بافراده تمهيدا لحله.
*قاد ناشطي الأحزاب هجمة ممنهجة ضد عمل الجهاز؛ وظنهم في ذلك؛ أن سقوط الجهاز يعني سقوط المؤتمر الوطني.
*جاءت ثورة ديسمبر واستمر الجدل عمن غير مسار الحراك؛ فجأة ومن غير سابق إنذار،لتزداد التكهنات عن دور مدير جهاز الأمن الوطني الفريق أول صلاح عبدالله قوش بفتح طريق القيادة للثوار ليدخلوا عبره، ويتخندقوا أمام مبنى القيادة العامة، وهو تكهن أقرب إلى الصواب؛فالطريق إلى القيادة ليس مفروش بالورود مالم تحصل اتفاقيات بين قادة الحرية والتغيير وجهاز الأمن وقادة الجيش بتمهيد الطريق؛ حتى الآن لم نعرف من هو كاتم أسرار(تغيير) ديسمبر؛ فلم يجرؤ أحد على فتح الصندوق الأسود؛ لهذا التغيير..
*مضي التغيير وللحالمين به اسميناه ثورة.. فلم تلبث الثورة الا قليلاً حتى نشط قائميها في الدعوة بضرورة حل جهاز الأمن والمخابرات الوطني… فكانت دعوتهم مثل (جزاء سنمار).
*تواصل مسلسل الضغوط بخروج صلاح قوش من المشهد وتبعته في ذلك قواته؛ دون أدنى مقاومة من الرجل؛ ليبقى السؤال كيف لرجل كون هذه القوات وهذه الإمبراطورية الأمنية العالية أن يخرج دون يقاوم أو يساوم…..
*التاريخ يقول ان حل جهاز أمن الدولة تعقبه نكسات بل قل (وكسات) وشاهدنا في ذلك حل جهاز أمن نميري وما حدث بعده من ضياع لمعلومات الدولة وتكالب المخابرات على أراضي البلاد؛ ديسمبر نجحت في حل جهاز الأمن والمخابرات الوطني؛ وبالمقابل ضعيت وطن نبكي على إطلاله اليوم.
*التآمر على جهاز الأمن الوطني ليس وليد اللحظة؛بل استمر عبر سنين؛ اكتملت حلقاته؛ بتسليم مقار هيئة عملياته إلى قوات الدعم السريع المتمردة، ليتضح بهذه الحرب الدائرة الآن أن الإصرار على الحل من أجل البل الذي يحدث الآن…
*كونت هيئة العمليات في العام ٢٠٠٥م وبلغ عدد قواتها ١٣ الف فرد تم تأهيلهم وتدريبهم على أحدث أنواع الأسلحة؛قوة بهذه المؤهلات؛ تم الاستغناء عنها لمجرد الفجور في الخصومة السياسية ؛ لماذا لم يتم اعتمادها كقوة خاصة مثل المارينز في أمريكا؛وضح جلياً أن القوى السياسية كانت مبيته النية للنيل من الجهاز وقواته وقد استخدمت في ذلك كل الأساليب المحلية أو الاستعانة بمخابرات إقليمية ودولية…
*حل هيئة العمليات كان بالنسبة لي ولمن همهم على الوطن؛ (حل الوضع بالسودان)؛ نعم اكررها بحل الهيئة تم حل أمن البلد.
*صدمت عندما تم الاستغناء عن ١٣ الف فرد متخصصين في حرب المدن وكيفية التعامل معها؛ نعم تم خداعنا بحل الهيئة لشيء في نفسهم، ولم نفطن لمكرهم ولكن الله خير الماكرين”.
*بعد الحل تساءلت وكررت سؤالي لبعض أهل الشأن لماذا ارتضيتم حل الهيئة ولم تقاوموا…؟.. لماذا فرضتم في أمننا؟.. فكان الرد…. انحنينا العاصفة لكي تمر؛ فهل كانوا يعلمون أن هذه العاصفة ستقف فقط عند حل هيئة العمليات؛ فقد استمر تقديم “القرابين” باستيلاء قوات الدعم السريع المتمردة على مقار هيئة العمليات وهي بالطبع تقع في مواقع استراتيجية تؤمن مداخل ولاية الخرطوم وخارجها، فكيف اني لهم تسليمها لقوة لا يفقهون عنها شيئا، تم شراءها بثمن بخس؛ “سنحمل ما يجري لنا الان من تشريد لكل من ساهم في حل هيئة العمليات ولو بكلمة”.
*عودة الهيئة برجالها لمسرح القتال وقلب كفة مسرح الحرب، مثل بالنسبة لي عودة الروح للجسد، فنحن نؤمن ونبصم أن هيئة العمليات هي صمام آمننا الداخلي…، شاء من شاء وابي من أبي… “استقامة.. جاهزية.. فداء ” هي اساس آمننا واماننا.