(تقرير) الخرطوم تحتاج لحليف … وموسكو تسعى لتعزيز نفوذها بأفريقيا …. السودان وروسيا .. علاقات متجذرة وشراكات ممتدة

تقرير : ضياء الدين سليمان محمود

يمتلك السودان وروسيا مخزوناً استراتيجياً من الود والتقارب والحرص علي المصلحة المشتركة، لا يتوافر في كثير من العلاقات بين الدول الصديقة وبالطبع فالدولتان ترتبطان بعلاقات وثيقة مبنية على التكاتف والدعم المشترك في القضايا والمواقف السياسية تجاه القضايا الإقليمية والعالمية، خاصة فيما يتعلق بالحفاظ علي الدولة الوطنية ورفض التدخل في الشئون الداخلية للدول

وكثيراً ما وقفت روسيا الي جانب السودان في عدد من المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية
والعلاقة بين الخرطوم وموسكو ذات عمق إستراتيجي ربما لم تشهد اي توترات بين البلدين خلال تاريخها سوى ماحدث في مطلع السبعينات حينما قامت القيادة السودانية بقطع العلاقات مع الاتحاد السوفيتي من جانب واحد. لكن بعد مجيئ الإنقاذ في 1989 بدأت العلاقات بين البلدين تعود إلى مجراها الطبيعي بشكل تدريجي وفي تاريخ 29 ديسمبر عام 1991 أعلنت السودان اعترافها الرسمي بروسيا الاتحادية.

وقبل يومين استقبل السودان نائب وزير الخارجية ومبعوث الرئيس الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف وهي زيارة حقتت عدداً من المكاسب لاسيما إن البلاد تعيش حرب طاحنة ليس يتمرد مليشيا الدعم السريع بل بتقاطعات المصالح الدولية وتجاذبات الأقطاب مما جعل السودان بؤرة للاستقطاب بين المحاور الدولية

وزيارة المبعوث الروسي تأتي بعد أيام من إجرائه محادثات مع المدير العام لجهاز المخابرات العامة السوداني أحمد إبراهيم مفضل في موسكو وقبلها زيارة نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار الي موسكو في يونيو من العام الماضي فيما لم تنقطع عرى التواصل بين البلدين خلال الفترة الماضية.

دفعة معنوية

شكلت زيارة نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف والذي رافقه وفد رفيع المستوى وممثلين من وزارتي الدفاع والمعادن دفعة معنوية ودبلوماسية بتأكيدات دعم روسيا المتواصل لسيادة السودان وحكومته الشرعية بمؤسساتها المختلفة، ورفض التدخلات الأجنبية في شؤونه ومخططات تمزيقه الأمر الذي قابلته القيادة في السودان بإشادات لمواقف روسيا الداعمة للشرعية في السودان وتأكيدات على انفتاح السودان على كل مبادرات حقن الدماء التي قدمتها روسيا لكن “في إطار الشرعية والرؤية السودانية، التي تضمن وتحفظ حقوق الشعب السوداني.

تعاون يفرضه الواقع

التعاون بين البلدين اصبح ضرورة يفرضها الواقع فالسودان الذي يخوض حرب الكرامة ضد مليشيات الدعم السريع وعصابة ال دقلو الإرهابية يسعى الي تحقيق اعلى درجات التعاون للاستفادة من الامكانيات الروسية في المجالات العسكرية يعزز موقفها خلال الحرب لاسيما وان روسيا برزت في صناعة الأسلحة والذخائر وتتميز بامتلاكها مخزون وافر من الصناعات الدفاعية والاسلحة المتطورة والمقاتلات روسية الصنع عطفاً على ان السودان يحتاج لحليف قوي يوجه من خلاله رسائل في بريد بعض الدول الداعمة لمليشيا الدعم السريع ، كما أن روسيا تحتاج الي أن تعزز نفوذها في أفريقيا عبر تحالفها مع السودان بعد تمددها في المناطق التي تستعمرها فرنسا في أفريقيا كما ان روسيا تسعى الي الاستفادة من امكانيات السودان في المعادن لتعزيز وضعها الاقتصادي الذي تراجع بعد الحرب الاوكرانية

مكاسب ومخاوف

يرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عبدالماجد عبدالحميد أن زيارة نائب وزير الخارجية الروسي حققت مكاسب عسكرية ولوجستة جديدة فموسكو قررت إعفاء 19 مليون دولار من ديونها العسكرية على الخرطوم عطفاً على منحها 3 سفن من القمح ستصل شواطي البلاد في شهر مايو الي جانب توقيع عدد من الاتفاقيات للتعاون في مجال التعدين وهذا حتماً ليس بعيداً عن الدعم العسكري واللوجيستي

وفيما اوضح مراقبون مخاوفهم من أن الزيارة يمكن أن تدخل البلاد في اتون صراع بين روسيا وأوكرانيا من جهة، ومركز تجاذب بين الدول الغربية وموسكو من جهة أخرى.

Exit mobile version