اخبار

بخاري بشير يكتب … جيش يسنده شعبه لن ينكسر!!

عندما قالها كثيرون أن حرب السودان هي حرب غزو أجنبي بامتياز، كان ذلك هو الوصف الحقيقي لتمرد الجنجويد، الذين تقف معهم عدة دول في الإقليم يهمها تفتيت السودان وتقسيمه ومن ثم السيطرة عليه، طمعا في موارده الكثيرة في وقت بدأت فيه الموارد الأخرى في النضوب.
فتحت دول عديدة حدودها لدعم المتمردين، ونجحت هذه الدول في تجنيد مئات الآلاف من المرتزقة واغرائهم بالمال والنهب والثروات والعربات والسبايا وفعل كل قبيح، كما نجحت من قبل في فتح حدودها لانسياب الدعم البشري والتشوين والتذخير والوقود، لتتدفق شلالات من الامداد لهؤلاء المارقين، فكانت هذه هي الأسباب الحقيقية التي جعلت رقعة الحرب تتسع وموجات الهجمات تكاد لا تنتهي، استخدمت المليشيا كل أساليب الحروب القذرة، واتخذت من سياسة الأرض المحروقة وتهجير السكان الأصليين هدفا تسعى له بالليل والنهار.
لكل ذلك أصبح الشعب السوداني بكل فئاته يحتمي بالجيش وينزح إلى مناطقه وهو آمن، في وقت أصبح فيه البقاء على الأرض التي استولت عليها مليشيات المرتزقة من أسرة آل دقلو فيه مخاطر كبيرة على الأنفس والثروات والأعراض، فر المواطنون من مناطق المليشيا في غرب دارفور ووسطها وشمالها إلى حيث تواجد القوات المسلحة، وفروا منهم في الخرطوم وشرق النيل والجزيرة، واضحت تلك المناطق نهبا لشذاذ الآفاق والأوباش القادمين من وراء الحدود.
رفع الجيش السوداني شعار القتال حتى النصر، وقالها القائد الفريق أول عبدالفتاح البرهان، أننا سنقاتل حتى آخر جندي، ولن يهدأ لنا بال الا بعد دحر المليشيا المتمردة من كل شبر في أرض السودان .. وعلى ذات الطريق سار بقية القادة في الجيش السوداني العظيم، امثال الجنرال العطا والجنرال كباشي والجنرال ابراهيم جابر والجنرال اللبيب، لم تلن لهم قناة ويزدادون يقينا يوما بعد آخر أن النصر آت وأن المليشيا إلى زوال، وصاروا يذللون الصعاب، ويرفعون الروح المعنوية لجنودهم، الذين يتدافعون حبا في لقاء العدو واهلاكه.
استمرت المعارك ثلاثة عشر شهرا بلا كلل، ودون أن تمد أي دولة الجيش السوداني بالدعم أو المؤازرة، نجحت القوات المسلحة في امتصاص الصدمة الاولى، وضرب الكتلة الصلبة للعدو، وكبدته خسائر فادحة ومستمرة في العتاد والأنفس، وتحول الجيش السوداني بعون الشعب وفئاته وقطاعاته المختلفة من خانة المدافعة إلى الهجوم الضارب، وصار يرعب المتمردين وبقايا المرتزقة بعمليات نوعية، تمكن من دحرهم في العديد من المواقع، وضيق عليهم الخناق في إيصال الدعم عن طرق الحدود ودروبها الوعرة حيث كان لسلاح الجو السوداني اليد الطولى، وهو لهم بالمرصاد ويحصي عليهم أنفاسهم.
أثبتت حرب السودان أن هناك دول اختارت أن تناصب جيش وشعب السودان العداء، وقدمت دعمها اللامحدود للمليشيا المتمردة، وآخرون قبعوا في الحياد، وهم يرددون أن المتقاتلين في السودان كلهم سودانيون ولن ننصر فئة على أخرى، لكن كان لهم شعب السودان بالمرصاد بعد أن اكتشف كذبهم وعدم انصافهم، فأعلن مساندته لجيشه ولقواته المسلحة، حيث كان ميلاد المقاومة الشعبية.
ويبقى درس الحرب المستفاد ، أن الجيش السوداني وجد تأييدا غير مسبوق من قطاعات الشعب المختلفة، ونشطت هيئات المقاومة في كل المدن والولايات، وصارت قوافل الدعم والإسناد تتدفق نحو القوات المسلحة من كل بقعة وكل حي، أطنانا من المواد الغذائية والتشوين، بل إن بعض أبناء السودان البارين تبرعوا بمبالغ كبيرة لأجل تسليح المقاومة الشعبية، التي انخرط فيها عشرات الآلاف من الشباب، يؤمنون بالدفاع عن الأرض والعرض والتراب حتى إذا كلفهم ذلك ارواحهم، دون أدنى استسلام أو خنوع لفئة المرتزقة الضالة، ونشطت في الآونة الأخيرة قوافل دعم المجهود الحربي بالمال والمواد الغذائية وبالنفس في أحيان كثيرة، ومثلما قال الفريق أول ياسر العطا، أن المقاومة الشعبية فتحت أحضانها لكل أبناء السودان انضم لصفوفها جماعة غاضبون وثوار ديسمبر والاسلاميين، وقال إن الذين يقاتلون الآن في صفوف المستنفرين يقاتلون لأجل السودان، ونحن لا نسأل عن لونهم السياسي، ويضيف هم يقاتلون لأحل السودان وليس لأي جهة، لان العدو واحد والاستهداف واحد والمقصود هو تماسك ووحدة التراب السوداني، لهذا السبب تعاهد كل هؤلاء لحمل الراية والدفاع عن الأرض والزود عن العرض مهما كلفهم ذلك من عناء او مشقة.
وكذلك انتظم نفر غير قليل من رموز المجتمع السوداني باداراته الأهلية أو قياداته المجتمعية أو أهل الاقتصاد فيه ورجال المال والنفوذ انتظموا في جهود واسعة داعمة للحيش، حتى أن البعض قال إن ما وجده الجيش السوداني من تأييد خلال هذه الحرب لم يجده في كل مراحل التاريخ الماضية، ثم أقسم آخرون أن جيشا وراءه شعبه لن ينهزم ولن يتراجع، نعم ستكون نهاية الجنجويد قريبة وعاجلة بفضل المقاومة الشعبية التي لم تفرق بين اسلامي أو بعثي، وبين ثوار ديسمبر أو أي جماعات أخرى.
نسمع في بعض الأحيان أن القوات المسلحة بطيئة في هجومها على التمرد، أو أنها تتكئ على مبدأ الحفر بالابرة، ثم تزايدت الأصوات أن الجيش متساهل في بعض المواقف أو أن قادته بطيئون.. لكن حقائق الواقع تقول غير ذلك فقد سلك الجيش بداية طريق المدافعة عن مواقعه ومراكزه حتى نجح في إضعاف العدو واستنزافه، مستخدما أدق تفاصيل الخطط الحربية فنجح في اول ساعة من بداية الحرب في سحق وشلل معسكرات العدو ومراكز تشوينه حول العاصمة، ثم أمضى شهورا يقاتل وحده بلا معين، حتى أدركته أيادي أهل السودان المحبة للسلام بالعون والمدد امولا ورجالا بلا حدود، وتفجرت المقاومة الشعبية يزكى عودها في كل مكان.
اليوم جيشنا الهمام متقدم في كل المحاور بعد تقهقر المليشيا وانكسار عودها، جيش تزينه هامات القادة، وفداء الابطال الميامين، ويقف وراءه الشعب السوداني بكل فئاته وقطاعاته، بالعتاد والرجال، فهو جيش يسير من نصر الى آخر بحكمة ووعي وتؤدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى