اعمدة الرأي

(الراصد ) فضل الله رابح يكتب .. حتي لا يسرقون الفرصة للمرة (الميه)

فضل الله رابح

يعيش المشهد السوداني هذه الأيام حالة عصف ومنابر كثيرة متحركة هنا وهناك بغية الوصول الي مخرج من الوضع المأزوم الراهن وإيقاف العواصف التي تهب من كل صوب وهناك اسئلة كثيرة طرحت علي اكثر من منبر وتحتاج الي أجوبة، فإذا تجاوزنا منبر جدة الذي يستأنف نشاطه بعد توقف باعتباره منبرا تفاوضيا عسكريا خاص بقضايا فنية محددة فإننا نصوب نحو كواليس الاجتماعات التشاورية التي يجريها الاتحاد الافريقي والايغاد مع المكونات والكتلة السياسية السودانية لجهة ان منبر الاتحاد الافريقي يمثل الطاولة السياسية ومعلوم ان الاتحاد الافريقي في المرة الاولي فقد العقلانية وكرس حهده لحالة الاقصاء لكل القوي الوطنية الحية ومكن لقوي الحرية والتغيير وسلمها سلطة الدولة وقرار الشعب من دون تفويض، وبالتالي الاتحاد الافريقي الآن عليه مساعدة نفسه والاغتسال من ادران الماضي ومعالجة أخطاءه السابقة قبل ان يفكر في مساعدة الآخرين وحتي يستطيع مساعدة السودانيين الذين لدغوا من هذا الجحر وعن طريقه سرقت منهم كل مكتسبات التغيير نحو الافضل…
بسبب أخطاء الماضي وضعف المنهج، اصبح الشعب السوداني غير راغب في اي فكرة تغيير منتظر من تربيزة (الايغاد) التي يجلس عليها الرئيس الكيني (وليام روتو) حليف (حميدتي) ويجلس من خلفه (ود لباد) الا اذا تمكن الاتحاد الافريقي من تغيير منهجه القديم والتخلص من ارثه القديم وهو الاعتماد علي لافتات وتصورات معلبة، وأن التجربة السابقة كشفت للجميع ان الاتحاد الافريقي يقوم بتصميم وطباعة اللافتة ثم يبدأ عملية البحث عن من يجلس تحتها أو امامها ليمثل الكتل السياسية…
هذه المرة الشعب السوداني هو من يقرر ولا احد يمتلك (فيتو) يستخدمه للاعتراض علي تمثيل المكونات السودانية في اي لقاء تحضيري أو حوار سوداني قادم، وليس بمقدور أي إنسان إقصاء الآخرين أو تحديد الكتل المشاركة في اي منبر أو أي اجتماعات تشاورية للسودانيين…
إن جهود الاتحاد الافريقي لحل الازمة السياسية بالسودان مطلوبة ولكن الاتحاد الافريقي يحتاج الي مجهر دقيق لتحديد الكتل السياسية المشاركة بالمقابل يحتاج ان تتكاتف الاحزاب والمكونات السياسية فيما بينها وعليها ان تتحلي بروح المسؤولية الوطنية وأن تتضافر جهودها مع الاتحاد الافريقي والايغاد للخروج بتسوية سياسية مرضية، تنتهي بالتوافق علي فترة انتقالية قصيرة وتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة وقيام انتخابات رئاسية مبكرة تضمن وجود رئيس جمهورية منتخب يساعد المجتمع الاقليمي والدولي في تنسيق كافة الجهود وقيادة عملية الاصلاح التدريجي التي تمثل نظرية عندها قبول لدي اكثرية السودانيين، وهي لغة مفضلة علي لغة الانقلابات العسكرية أو الانقلاب الثوري، والخيارات الأخيرة هي ما تؤكده كل السوابق الوطنية مخاوف الحاضر في ظل إضطرابات القوي السياسية وعدم اتفاقها وتشتتها …
إن نهج الانقلابات في تاريخ السودان معروف فهو دائما يقوده الحالمون بالتغيير السريع بعد عجزهم عن التغيير المنهجي وما اكثرهم حاليا، وإن كثير من احزاب اليمين واليسار اذا وجدت فرصة للانقضاض علي السلطة وانهاء حالة الفوضي الحالية ستفعل ولكن هناك محاذير اي إنقلاب عسكري تقوم به اي مجموعة سياسية في الظرف الراهن ستكون فاتورته كبيرة وكلفته عالية، علينا جميعا ان نتصالح مع منهج التغيير التدريجي فهو اسلوب مع اهميته أيضا يتطلب متابعة وقيادة من النخب السياسية والفكرية والمؤثرين في الرأي العام من المقتنعين بالمشروع فضلا عن القطاع العلوي المعنى بعملية البناء الاقتصادي والاجتماعي وأصحاب المصالح العليا وأصحاب الافكار المستقلة، فهؤلاء بمقدورهم تحمل مهام الفترة الانتقالي والقيام بمهامها كاملة …
المؤسف عندنا الفئة المستهدفة من النخب السياسية من المشتغلين بالعمل السياسي والمأثرين في نفس الوقت علي البيئة السياسية والاجتماعية المحيطة بهم قد تقاطعت لديهم المصالح والمحفزات فبعضهم شاح بوجهه واصبح جزءا من القاعدة السياسية الدموية ولذلك تقاصرت همتهم الأمر الذي يتطلب السعي الي إجراء اصلاح سياسي داخلي قبل ان يستوعب هؤلاء في عملية الاصلاح العام، والملاحظ اليوم كذلك يجد ان هذه الفئة وباسم استعادة الديمقراطية وإيقاف الحرب نشطت هذه الأيام كل خلايا الفوضي السابقة وما تبقي من (حلاقيم) التهييج الثوري (الحرية والتغيير) _هل نسينا افعال كل تلك الوجوه التي تجلس هذه الأيام علي طاولات فنادق اديس ابابا_؟… ذات الذين سرقوا الفرصة من الشعب السوداني سابقا وقادوا لواء التخريب هم اليوم انتظموا وبذات لغة التحشيد، قيادات كانوا وما يزالون يلتحفون الصمت في انفاق (التقية) خلال جرائم التمرد منذ 15 ابريل وحتي اليوم لم يدينوا جرائم المتمردين، نراهم اليوم يسلون سيوف الخطب البتراء وينثرون بذور الفوضي من جديد (خطاب فضل الله برمة ناصر وعبد الله حمدوك في اديس ابابا) نموذجا…
لا نريد تكرار الاخطاء ولكننا نطالب بالمحاسبة علي كل الجرائم التي ارتكبت والاعتذار عن كل الاخطاء دون الطمع في أي دور جديد كما نريد موقف افريقي وعربي واضح ومسؤول تجاه ما يجري بالسودان من قتل ونهب وتهجير قسري للمواطنين المدنيين من بيوتهم والاستيلاء عليها بقوة السلاح، حتي نبني ثقة ونبدأ خطوة ترتيب مرحلة ما بعد الحرب وإعمارها، وهنا تكمن أهمية إنجاح مبادرة الاتحاد الافريقي لانها معنية بتوفيق الاوضاع ووضع أجندة حكم السودان لما بعد الحرب …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى