إنسلاخ كيكل … تأثيرات على المليشيا والميدان
تقرير : ضياء الدين سليمان
تفاجأت الاوساط السودانية امس الأحد بنبأ إنضمام قائد مليشيا الدعم السريع بولاية الجزيرة ابوعاقلة كيكل الي صفوف القوات المسلحة في منطقة جبل اللبيتور 65 كلم شمال شرق مدينة رفاعة التابعة لولاية الجزيرة- تحت إشراف قائد منطقة البطانة العميد أحمد شاع الدين، ولم يك أكثر المتفائلين يتوقع هذه الخطوة التي ستحدث تأثيراً كبيراً على مسار العمليات العسكرية في ولاية الجزيرة والتي تشهد تحركات واسعة للجيش في عدد من محاور القتال فيها والذي يمضي في تنفيذ خطة الاجهاذ على المليشيا وتحرير الولاية من دنس أكبر تمرد واجه في البلاد في تاريخها القديم والحديث.
ولم يك ابوعاقلة كيكل معروفاً لدى كثير من السودانيين قبيل أشهر قليلة من اندلاع الحرب الا بعد ظهوره في ديسمبر من العام 2022م حين نظّم عرضًا عسكريًا لقوات أسماها درع السودان بمنطقة “الجبال الغُر” في “سهل البطانة” (وسط السودان)
قبل أن يظهر في مقطع مرئي بثته الوسائط معلناً انحيازه وتأييده لمليشيا الدعم السريع التي تخوض قتالًا شرسًا ضد الجيش السوداني، منذ منتصف أبريل من العام الماضي
وخلال المقطع المرئي القصير الذي ظهر فيه كيكل مرتديًا زي “الدعم السريع” ومحاطًا بعشرات الجنود وسط أناشيد حماسية إنه انضم للدعم من أجل المهمّشين ولمحاربة “الكيزان”، في إشارة الى أنصار النظام السابق من الإسلاميين
حجم قواته
حينما أعلن كيكل تكوينه لقوات درع السودان كانت مصادر تحدثت عن ان قواته يبلغ حجمها ما يقارب 35 الف مقاتل حينها كان أبو عاقلة كيكل يتحدث عن أن هدف قواته هو إعادة التوازن الإستراتيجي بالبلاد، بعد أن ألحقت اتفاقية جوبا للسلام الموقّعة في 2020 “ظلمًا بمناطق الوسط وشمال وشرق السودان، وانحازت لحركات دارفور”، على حد قوله الا انه لم ينضم بكامل قواته الي الدعم السريع لعدم قناعة كل القوات بمشروع المليشيا الا انه وبحسب مصادر استطاع استقطاب بعض أقاربه وأهله الي جانب عدد كبير من أبناء قبيلته وتجنيدهم في صفوف الدعم السريع
وبحسب مصادر عسكرية تحدثت للكرامة ان كيكل بعد اختياره لخيار الانحياز للقوات المسلحة فإنه قام بتسليم اولي لعدد من السيارات القتالية بلغت في دفعتها الأولي 78 سيارة مجهزة بكامل عتادها الحربي وان هنالك دفعات أخرى سيتم تسليمها في الأيام القادمة
وأضافت المصادر أن كيكل انضم بقوة قوامها 38 ضابط و160 جندي الا ان العدد الكلي لقواته يفوق 3000 الف مقاتل وتجرى مزيد من الترتيبات لاكمال عمليات تسليمها في عدد من المناطق.
ابعاد مهمة
ذكر الدكتور إبراهيم الصديق الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أن عملية استسلام كيكل واعلان انضمامه للقوات المسلحة ذات ابعاد مهمة على مجمل العملية العسكرية والاجتماعية فى المنطقة ، وهو مؤشر مهم لما جرى فى الأيام الماضية ،
حيث قال الصديق أن كيكل بكل الحسابات قائد عسكري ميدانى مهم للمليشيا ، ومنحته رتبة فريق وسلمته قيادة منطقة كاملة وظل وثيق الصلة بكل مجريات الميدان وتفاصيلها ، وهذا يعنى أنه (شخصية مؤثرة وفاعلة) وانسلاخه من المليشيا سيحدث تاثيرا كبيرا ومؤثرا علاوة على انه كنز معلومات وتفاصيل دقيقة ، من الصعب على المليشيا (لملمة) وقائعها قبل أن يتم توظيفها بما ينبغي ، وبقية الأمور جلية..
واضاف الكاتب الصحفي إن انتشار الجيش وانفتاحه شرق الجزيرة ، ودخول مدينة تمبول ، والانتشار بالضغط فى هذه المنطقة له تاثير واسع على قدرة وفاعلية تحركات الجيش فى منطقة منبسطة ، وقطع امداد المليشيا من الخرطوم مرورا بود راوة ورفاعة ، وسيكون تحرك فزع المليشيا فى هذه الناحية غير ممكن ، وبالقدر نفسه فإن هذا الانفتاح العسكري للجيش خفف عليه مناورات الجسور والترع من ناحية الفاو إلى مدنى ، وسيكون هذا محور آخر وأقل فى مخاطره..
واكمل قائلاً ان انسحاب كيكل من المشهد ليس وحده ، وإنما مكون اجتماعي وقبلي وعلى راس ذلك القائد الطاهر ود جاه الله ، وخلفهم قطاع عريض من الشباب الذين انضموا اليهم دفاعا عن ارضهم واهلهم من رعاع المليشيا وببندقية وشعار المليشيا ، وانسحاب هذه الشريحة من الميدان سيفقد الدعم السريع حاضنة كبيرة وجنود كثر كانوا فى مسرح العمليات ، وسيقلل من دافعية القتال..
واردف دكتور الصديق أن هذه الخطوة ستؤدي إلى احداث انفراج فى الضائقة الاقتصادية لكل شرق الجزيرة ، وستتدفق السلع والمواد الغذائية والوقود بسهولة ، كما أن انفتاح الجيش سيؤدي إلى تأمين منطقة الزراعة بالبطانة بشكل عام وهى مخزون غذائي لكل السودان..
عطفاً على انه من الواضح أن هناك عمل استخباراتى كبير وتفاصيل كثيرة حققت هذه النتيجة المهمة والقاصمة للمليشيا.
وضع مريح
الخبير الاستراتيجي والعسكري الدكتور جمال الشهيد قال إن تسليم كيكل للقوات المسلحة تم وفقاً لعمل استخباراتي مدروس بعد ان وصل لقناعة بأن لا جدوى للحرب مبدياً ندماً كبيراً على أنه وضع يديه مع المليشيا المتمردة من واقع الانتهاكات
الكبيرة التي ارتكبتها في حق اهله وعشيرته في الجزيرة.
وأضاف الخبير العسكري أن انضمام كيكل للجيش ينفي مزاعم المليشيا بأنها قوات قومية تضم كل قبائل السودان ويعضد كونها مليشيا قبلية وعنصرية لا تقبل الآخرين وبالتالي يفقدها دعم إجتماعي وسند شعبي
عسكرياً قال جمال الشهيد أن هذه الخطوة سيجعل القوات المسلحة في وضع مريح يمكنها من تنفيذ خطتها التي بدأتها في الوقت السابق لاسيما مع تقدمها ودخولها مدينة تمبول في طريقها الي تحرير كل مناطق شرق الجزيرة والتقدم نحو مدينتي الحصاحيصا والكاملين ومن ثم مدينة مدني
واردف جمال بأن المليشيا بعد كيكل تكون فقدت 90 % من ولاية الجزيرة وماتبقى فقط لن يأخذ وقتاً طويلاً اذا تحركت المحاور مع بعضها متوقعاً أن تنهار المليشيا وتتوالي عمليات الاستسلام.